تربية الطفل في دار الحضانة

تعّد مرحلة الانفصال ما بين الوالدين والطفل من المراحل الهامة في حياة بناء شخصية الطفل، حيث أنّ خروج الطفل لدار الحضانة تعّد أهم القرارات التي يتخذها الآباء، ولكن من المهم اختيار الوقت المناسب ودار الحضانة الملائمة للطفل. وعلى الرغم أنّ الوالدين في تلك المرحلة قد يشعرا ببعض القلق بشأن الانفصال عن طفلهم، خاصة إذا كان الطفل لا يزال في مرحلة الطفولة المبكرة، لكن بنفس الوقت فإنّ الانتقال إلى دور الحضانة يمكن أن يكون تجربة إيجابية مفيدة للغاية لطفلك وله فوائد متعددة.^[١]

معايير اختيار الحضانة المناسبة للطفل

عند اختيار الحضانة للطفل لا بد على الوالدين التقيّد بمجموعة من المعايير والشروط لاختيار الحضانة الملائمة للطفل والمناسبة له، ومن تلك المعايير ما يلي^[٢]:

• انظر بدقة لواقع العمل في الحضانة: عندما تزور موقعًا محتملاً، انتبه إلى كيفية تفاعل الموظفين مع الأطفال، حيث يجب أن يكون مقدم الرعاية على الأرض يلعب مع الأطفال أو يمسك أحدهم في حجره. يحتاج الأطفال في سنواتهم الأولى إلى علاقات وثيقة ومحبة وتفاعلية مع البالغين من أجل الازدهار.
• تعرّف على طبيعة الخدمات المقدمة ومستوى الالتزام بها.
• قم بالاطلاع على سياسة المؤسسة ونظامها الداخلي وقوانينها: قم باكتشاف ما إذا كنت سياسة المؤسسة ترتبط مع فلسفة التربية الأسرية حول مواضيع مثل الانضباط والتغذية والنوم.
• البيئة اللوجستية للحضانة: يجب النظر إلى المكان بنفسك لتقييم ما إذا كان يلبي احتياجاتك. من حيث توفّر بيئة رعاية أطفال نظيفة، وآمنة للأطفال، ومجهزة جيدًا بالكتب والألعاب المتينة المناسبة للعمر. بالإضافة إلى بعض التفاصيل الأخرى التي يجب وضعها في الاعتبار، مثال: (عندما يتشارك الأطفال الأكبر سنًا في المساحة يجب إبقاء الألعاب ذات الأجزاء الصغيرة (مخاطر الاختناق) بعيدًا عن الأطفال الأصغر سنًا، ويجب أن يكون للرضع والأطفال منطقة خاصة بهم).
• قم بزيارة نفس المراكز في أوقات مختلفة من اليوم للتعرف على كيفية تفاعل الموظفين مع الأطفال.

الوقت الملائم لدخول الطفل الحضانة

يعتبر السؤال عن العمر أو الوقت المناسب الذي يجب أن يرسل فيه الطفل إلى الحضانة هو ما يشغل بال الآباء بشكل كبير. تستقبل دور الحضانة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث وأربع سنوات، مما قد يشير إلى أن هذا هو سن مناسب لبدء الأطفال في الحضانة. ومع ذلك، بالنسبة لمعظم الآباء، مع الأخذ في الاعتبار بشكل كامل شخصية الطفل وتطوره، أو ظروف الأسرة نفسها. حيث أنّه غالباً ما يتم تحديد الوقت المناسب للأطفال لبدء الحضانة عندما يرغب الوالدان أو يحتاجان إلى العودة إلى العمل بعد إجازة الأمومة أو الأبوة. وفي حالات أخرى، قد يختار الآباء إرسال أطفالهم لمساعدتهم على التواصل الاجتماعي والاستعداد للمدرسة^[٣].

فوائد دور الحضانة للطفل

إن الحضانة المرحلة الأولى للطفل خارج البيئة الأسرية، وتعتبر مرحلة التحاق الطفل لدور الحضانة قيمة جيدة وإضافة هامة في شخصية الطفل بكافة المجالات، لذا فإن وجود الطفل في دار الحضانة لها فوائد وإيجابيات، وهي كما يلي^[١][٤]:

• التفاعل الاجتماعي: هناك العديد من الفوائد من التفاعل الاجتماعي مع الأطفال الآخرين من نفس العمر، بما في ذلك: (تكوين صداقات وتعلّم إقامة علاقات وتعلّم المشاركة وتعلّم اللعب مع الآخرين في مجموعات والتعلّم من أقرانهم ومساعدة بعضهم البعض).
• تطوير مهارات الاتصال والتواصل: سوف يطّور الطفل مجموعة من مهارات التواصل والاتصال، ويزيد من كم مفرداته، ويطوّر لغته من خلال مجموعة واسعة من السياقات والمواقف التربوية والتعليمية المختلفة.
• تعلّم التعبير عن مشاعرهم وآرائهم: تعلّم التفاعل مع أقرانهم والبالغين بخلاف والديهم، هو جزء حيوي من نموهم. كما يوفر اللعب مع الأطفال الآخرين في الحضانة فرصة مثالية لهم لاكتساب فهم أكبر لمشاعر الآخرين وتعاطفهم.
• زيادة الاستقلالية والثقة: يمكن أن يعزز وجوده في الحضانة الاستقلال الذاتي للطفل، ويرفع من مستوى ثقة طفلك بنفسه، ويساعد على تطوير شخصيته وميوله وأفكاره، ويشجعه على اكتشاف المزيد عن الحياة خارج وحدة الأسرة. إن تعلّم إكمال المهام الأساسية بأنفسهم، والمشاركة في الأنشطة وقضاء الوقت مع الآخرين، سيساعد في تنمية ثقتهم وبناء الأساس الذي يعدّهم بشكل أفضل للمدرسة والحياة في العالم الخارجي.
• تعلم مهارات جديدة: تقدم الحضانة مجموعة واسعة من الأنشطة والموارد والخبرات لتحفيز طفلك وإشراكه. وإن وجود الكثير من الأشياء المختلفة لطفلك لاكتشافها واستكشافها يساعد على تنمية اهتماماتهم، ويشجعهم على تجربة أشياء جديدة بأنفسهم. إنها مغامرة جديدة ومثيرة والمكافأة هي أنه يمكنك ترك اللعب الفوضوي إلى الحضانة. وفيما يتعلق بالمجال الأكاديمي والاجتماعي والعاطفي، سيتعلم طفلك الصغير مهارات جديدة، فعلى سبيل المثال: (تعلم ارتداء ملابسه وحذائه، والمحافظة على النظافة الشخصية، وتعلم المفاهيم الرياضية والمساعدة في الترتيب)، فهذه كلها مهارات حياتية قيّمة وبنّاءة لتأسيس مستقبل جيد لطفلك نحو مراحل لاحقة.
• استثمار جيد للوقت وتنظيمه: توفر الحضانة روتين وهيكلية ليوم طفلك، والتي يمكن أن تشمل على أوقات الوجبات، والقيلولة، والأنشطة الداخلية والخارجية. حيث يساعدهم هذا الروتين والتنظيم الجيد للوقت والأنشطة على الشعور بمزيد من الثقة والأمان، والتحكّم في مشاعرهم، وهو يعّد مرحلة استعداد جيدة ومناسبة لمرحلة المدرسة؛ فعندما يعرف الطفل ما يمكن توقعه ومتى يتوقعه، فإن ذلك يمكّنه من لعب دور أكثر نشاطاً وفاعلية في المهام المطلوبة، فعلى سبيل المثال: (قبل الغداء يحتاجون إلى غسل أيديهم وقبل العودة إلى المنزل كذلك).
• بناء المناعة الصحيّة: إنّ تفاعل الأطفال بشكل عام في بيئة الحضانة مع أقرانهم من الأطفال والبالغين الآخرين يدعم تطوير مناعتهم ضد الأمراض الشائعة مثل نزلات البرد، ويقوي الجهاز المناعي لديهم، كما يعد التواجد في الهواء الطلق وممارسة التمارين الرياضية أمراً جيداً للرفاهية العامة للطفل، وسيساعده في الحفاظ على صحته الجسدية والعقلية والنفسية.
• الاستعداد ليكونوا متعلمين مدى الحياة: تقوم الحضانة بتشجيع الطفل على التفكير النقدي وتقوية الميول الإيجابية للتعلم والمثابرة والثقة. وبناء الدافعية للإنجاز لديه مما يكون سبباً لبناء استعدادات جيدة للأطفال ليكونوا قادرين على التعلّم واكتساب المعرفة والمهارات مستقبلاً.
• إعطاء الوالدين وقتاً للاسترخاء والراحة: مع بقاء طفلك مشغولاً ونشطاًَ في الحضانة، فإنّ ذلك يقلل من الضغط عليك للقيام بالأشياء، والتفكير في الأنشطة التعليمية والترفيهية أو للترفيه عنهم. كما يقدّم للآباء فرص أكبر للاسترخاء والاستمتاع أكثر بالوقت.

خاتمة

قد تكون الحضانة هي المرة الأولى التي يبتعد فيها طفلك عنك لفترة قصيرة من الوقت، مما قد يكون أمراً صعباً للوالدين في البداية. ومع ذلك، فإنّ ذلك يمنح طفلك الفرصة ليكون مستقلاً ومعتمداً على نفسه، ولديه الحرية في الاستكشاف وإقامة علاقات أخرى، وهو أمر بالغ الأهمية لرفاهيته على المدى الطويل. لذا يجب أن تكون مرحلة انتقال آمنة مريحة للوالدين والطفل معاً^[٣].