تحول العالم إلى قرية صغيرة بفضل التقدم التكنولوجي الهائل خلال السنوات الأخيرة، فقد أصبحت التكنولوجيا تسيطر على كافة نواحي الحياة، وعلى الرغم من الفوائد الكثيرة للتكنولوجيا إلا أنها تسببت بآثار انعكست سلبًا على حياتنا خاصة على الأطفال؛ ما يجعل تربيتهم في ظل وجودها مهمة صعبة، وفي هذا المقال سنستعرض طرق تربية الأطفال في عصر التكنولوجيا، إلى جانب السلبيات والإيجابيات المترتبة على استخدام الأطفال للتكنولوجيا.


تربية الأطفال في عصر التكنولوجيا

إن تربية طفل في عصر التكنولوجيا ليس بالأمر السهل، إذ إن منع الآباء والأمهات أطفالهم من استخدام التكنولوجيا قد يؤدي إلى خلق فجوة فيما بينهم، وفيما يلي نستعرض بعض الطرق لتربية الأطفال في عصر التكنولوجيا:[١][٢][٣][٤][٥]


1. تحديد ساعات معينة لاستخدام الهاتف

يساعد تحديد ساعات معينة للطفل لاستخدام الهاتف أو الإنترنت على الحد من إدمان الطفل على استخدامها، ومن الجيد تحديد مهام منزلية لينجزها الطفل بدلًا من الجلوس على الهاتف، ومن الضروري الحرص على إغلاق التلفزيون عند الدراسة وتناول الطعام مع العائلة.


2. إبعاد التكنولوجيا خلال السنوات الثلاث الأولى

ينمو دماغ الأطفال نموًّا سريعًا خلال السنوات الثلاث الأولى من حياتهم، مما يجعل هذه الفترة الأكثر أهمية لتنمية المهارات اللغوية والعاطفية والاجتماعية والحركية لديهم، لذلك يفضل إبعادهم عن أي جهاز إلكتروني، وبدلًا من تعريف الطفل على الكرة من خلال مشاهدتها على الهاتف، من الأفضل جلب كرة حقيقة له للمسها واللعب بها.


3. الحرص على أن تكون قدوة لهم

يعد الآباء أول معلم للطفل، لذا يجب أن تكون نموذجًا جيدًا لأطفالك، وعليه يجب أن تقلل من استخدامك لوسائل التواصل الاجتماعي، وحينها سيقلدك أطفالك، إلى جانب ذلك من الضروري تجنب فعل سلوكيات خاطئة تتعلق باستخدام الهاتف، كإرسال الرسائل النصية أو التحدث بالهاتف في أثناء القيادة، ومن الجيد إغلاق الهاتف عند تناول الطعام واجتماع العائلة، فهذه الخطوة ستعلم أطفالك أن الاهتمام بالأسرة مهم جدًّا بالنسبة لك وسيتصرفون هم كذلك على هذا الأساس.


4. تجنب استخدام وسائل التكنولوجيا لتهدئتهم

في حالة إصابة الطفل بنوبة غضب أو عدم القدرة على التحكم بتصرفاته، يلجأ الآباء والأمهات إلى إعطاء الطفل الهاتف أو مشاهدة التلفاز كوسيلة لتهدئته، لكن هذه الطريقة ستنعكس سلبًا على سلوكهم وستؤدي إلى حدوث مشكلات يصعب تجاوزها لاحقًا.


5. التواصل المباشر

يُعد التواصل وجهًا لوجه مع الأطفال طريقة رائعة للتقرب منهم وسد فجوة سوء التفاهم التي من الممكن أن تحدث بسبب التواصل عن بُعد، إذ إن التواصل وجهًا لوجه مع الأطفال أمر بالغ الأهمية، وهو يساعد الطفل على تطوير مهاراته اللغوية وتعزيز العلاقة بينكما، لذلك تجنب حل مشكلة مع طفلك من خلال التواصل عبر الهاتف، فالتكنولوجيا في هذه الحالة غير مفيدة على الإطلاق.


6. التعاون مع المعلمين

اتجهت العديد من المدارس نحو التعلم عبر وسائل التكنولوجيا كالمنصات الرقمية، ويجب الاستفادة من هذه الطريقة بالتعلم في المنزل بما يصب في مصلحة الطفل، وبالتعاون مع المعلمين.

 

7. مشاركة الطفل اهتماماته

إن اهتمامك بالمحتوى الذي يشاهده طفلك يعد طريقة رائعة لبناء جسر التواصل فيما بينكما، وهذه الطريقة تمنحك الفرصة لمعرفة الأشياء التي تثير اهتمام طفلك، ويمكنك أن تبحث على الإنترنت مع طفلك عن شيء يثير اهتمامكما معًا، مثل وصفة جديدة للطهي لتناول العشاء، ومن الممكن أيضًا أن تلعبا لعبة على الإنترنت سويًّا.


8. تشجيعهم على ممارسة الرياضة

يقضي الأطفال معظم أوقاتهم بمشاهدة التلفاز أو الألعاب الإلكترونية والجلوس على مواقع التواصل الاجتماعي، ما ينعكس سلبًا على نشاطهم وأدائهم البدني، ومن الضروري أن يتأكد الآباء من أن الأطفال يمارسون نشاطًا بدنيًّا كافيًا للحفاظ على صحتهم، لذلك ننصح بتشجيع الأطفال على اللعب بالخارج، وإذا سمح لك الوقت العب معهم، يمكنكم ممارسة الألعاب التي تتطلب حركة مثل لعبة الغميضة والكرة، إذ سيستمتع أطفالك بالوقت الإضافي الذي يقضونه معك، وسيساعدهم اللعب في الهواء الطلق على حرق الدهون والنوم بشكل أفضل، كما أن هذه الخطوة ستساعد الأطفال أيضًا على الحد من استخدام التكنولوجيا والابتعاد عنها.


9. مراقبة ما يشاهده طفلك

راقب المحتوى الذي يشاهده طفلك عند جلوسه على الإنترنت أو مشاهدة التلفاز، ومن الضروري استخدام بعض التطبيقات وتحميلها على الهاتف والكمبيوتر لمراقبة المحتوى وحظر المواقع غير الملائمة، كما ينبغي عليك الجلوس معه في أثناء مشاهدة التلفاز لمراقبة ما يشاهد.


10. استخدام التكنولوجيا بشكل صحيح

يجب تقبل فكرة أن التكنولوجيا محيطة بنا بكافة جواب الحياة، وأنها مهمة في حياة أطفالنا؛ لأنها تساهم في تطورهم، وعليه لا يمكن أن نمنعهم من استخدامها؛ ولكن لا بد من توجيههم بصورة صحيحة لاستخدام التكنولوجيا بشكل فعال، ومن الجيد أيضًا التحدث مع طفلك حول التطبيقات التي يستخدمها، والأشخاص والمجموعات التي يتابعها، إذ يساعد ذلك على خلق بيئة آمنة وموثوقة لاستخدام التكنولوجيا.


11. تجنب استخدام الأطفال لمواقع التواصل قبل سن الـ 13

إن معظم الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 13 عامًا قد يكونون غير ناضجين بدرجة كافية تُمكنهم من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بشكل صحيح، لذلك يجب التنبه إلى هذا الأمر، ومنعهم من التسجيل في هذه المواقع من خلال تغيير أعمارهم الحقيقة، وفي حال استخدامهم لمواقع التواصل، يتعين على الآباء والأمهات ضبط إعدادات الخصوصية لأطفالهم بهذه المواقع حتى لا يتمكن الغرباء من التواصل معهم، مع تحذيرهم من التواصل مع الأشخاص المجهولين ومشاركة معلوماتهم الشخصية في الفضاء الإلكتروني.


التأثير الإيجابي للتكنولوجيا على الأطفال

على الرغم من التأثير السلبي للتكنولوجيا على أطفالنا، إلا أن الطفل من الممكن أن يكتسب مهارات من خلال استخدام التكنولوجيا بشكل صحيح بما ينعكس عليه بشكل إيجابي، وفيما يلي ذكر لبعض إيجابيات التكنولوجيا على الأطفال:[٦]

  1. تطوير مهارات البحث: إن المعلومات المتاحة على الإنترنت من الممكن أن تساعد الطفل على الوصول إلى المعلومات التي يريدها دون مساعدة أحد، خاصة وأن الإنترنت يعد موردًا يسمح بالوصول إلى الكتب والمعلومات الدقيقة، وهذا يشجع الطفل على اكتساب مهارات البحث التي تمكنه من الحصول على المعلومات التي يرغب بمعرفتها في أي وقت.
  2. تعزيز الروابط الاجتماعية: تساعد التكنولوجيا على تقريب الطلاب من بعضهم، وأيضًا بناء علاقات بين الطلاب وأولياء الأمور، كما يمكن للروابط الاجتماعية التي يعززها الإنترنت أن تساعد الأطفال على تعلم كيفية التواصل والتعاون بشكل أفضل مع بعضهم، وذلك من خلال الأنشطة الجماعية والألعاب المشتركة التي من الممكن إجراؤها عن بعد من خلال الإنترنت.
  3. التعلم بشكل أفضل: تتيح التكنولوجيا وخدمات الإنترنت فرصة لأولياء الأمور بالمشاركة في تعليم أطفالهم بصورة فعالة، من خلال تبادل الملفات التعليمية المرئية والمسموعة مع معلميهم، وهذه الخطوة تمكن من خلق جسور للتواصل بين المدرسة والآباء وتوظيفها لمصلحة الطفل.
  4. تنمية الخيال وتحقيق الأهداف: لا تشجع التكنولوجيا على التفاعل الاجتماعي فقط، بل تعد مصدرًا للإلهام أيضًا، إذ إن الألعاب التفاعلية تدفع الأطفال إلى التفكير والتخطيط، على سبيل المثال: عندما يلعب الطفل لعبة ما، فإنه يعمل جاهدًا على تخطي مرحلة معينة من اللعبة من خلال التفكير الرياضي والمنطقي، وهذه الخطوة تساعد الطفل على تنمية مهارات التفكير بشكل صحيح، ولا يقتصر الأمر على ذلك، إذ يمكن للتكنولوجيا أن تنمي خيال الطفل وتعزز التفكير غير المألوف لديه.
  5. الانفتاح على العالم: يمكن للإنترنت أن يساعد الطفل بالانفتاح على العالم والتعرف على الثقافات المختلفة والوصول إلى كافة المعلومات المتعلقة بذلك، إلى جانب تواصله مع أطفال آخرين حول العالم.
  6. تطوير أساليب التعلم: يشجع استخدام التكنولوجيا في مرحلة الطفولة على تنمية المهارات الحركية الدقيقة كالتنسيق بين استخدام حاستي اللمس والنظر، ومن الأمثلة على ذلك الألعاب عبر الإنترنت، إذ يعتمد الكثير منها على سرعة الحركات، كما أن معظم ألعاب الكمبيوتر تساعد على لفت الانتباه إلى التفاصيل والقدرة على جمع المعلومات لحل مشكلة ما، وإن اكتساب مهارات التفكير ضرورية لجمع المعلومات وتحليلها والتي يمكن الاستفادة منها مع تقدم العمر.
  7. تطوير اللغة: يمكن أن تعزز ألعاب الطفولة المبكرة أيضًا المهارات اللغوية لدى الطفل، فلا يتعلم الأطفال القراءة فحسب، بل يتعلمون أيضًا كيفية نطق الكلمات، كما يمكنهم من خلال الإنترنت تعلم اللغات بسهولة.
  8. تمكين الأطفال مستقبلًا: يمكن للتكنولوجيا أن تكون قادرة على تمكين الأطفال من جميع الأعمار من التعلم بطرق ممتعة وجذابة والتعبير عن إبداعهم، إذ إن تربية الأطفال على استخدام التكنولوجيا بشكل إيجابي ستمكنهم مستقبلًا من شغل الوظائف المتعلقة بمجال التكنولوجيا.


الآثار السلبية للتكنولوجيا على الأطفال

إن الاستخدام المفرط للتكنولوجيا من خلال استخدام الهواتف الذكية والجلوس على مواقع التواصل الاجتماعي والألعاب، يمكن أن ينعكس سلبًا على الصحة الجسدية والسلوكية للطفل، فيما يلي نستعرض بعض هذه الآثار السلبية للتكنولوجيا:[١][٢][٧]

  1. مشكلات صحية: يقضي معظم الأطفال وقتًا طويلًا أمام الهواتف الذكية، ما يحد من نشاطهم البدني، إلى جانب تناول الطعام بشراهة أحيانًا في أثناء اللعب واختيار الأطعمة غير الصحية، وهذه الأمور تؤدي إلى إصابة الطفل بالسمنة التي تسبب مشكلات صحية لا حصر لها.
  2. مشكلات اجتماعية: لقد غيرت التكنولوجيا تمامًا الطريقة التي نتفاعل بها مع بعضنا، فعندما يقضي الأطفال وقتًا طويلًا على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث مشكلات اجتماعية وسلوكية لدى الأطفال بسبب عدم تفاعلهم مع الآخرين في محيطهم.
  3. خطر التنمر: أصبح التنمر عبر الإنترنت شائعًا بشكل متزايد هذه الأيام، خاصة مع عدم وجود حلول لهذه المشكلة، وإن تعرض الطفل للتنمر من الممكن أن ينعكس سلبًا على صحته النفسية والسلوكية.
  4. تعرضه للاستغلال: إن فكرة الخصوصية لدى الطفل غريبة عليه، وبالتالي فإنه لا يدرك أهمية المحافظة على معلوماته الخاصة والشخصية، ما يؤدي إلى تعرضه للاستغلال والمضايقة والتخويف على الإنترنت من بعض الأشخاص.
  5. خطر الإصابة بالاكتئاب: إن الأطفال الذين يستخدمون التكنولوجيا استخدامًا مفرطًا يتعرضون لمشكلات صحية وعقلية كبيرة من ضمنها الاكتئاب، ويعتقد الخبراء أن الوقت الذي يقضيه الطفل على وسائل التواصل الاجتماعي أو استخدام التكنولوجيا يمكن أن يكون مرتبطًا ارتباطًا مباشرًا بزيادة الاكتئاب.
  6. تراجع الأداء الأكاديمي: ينعكس استخدام مواقع التواصل والإنترنت على الأداء الأكاديمي للطفل انعكاسًا سلبيًّا، إذ إن قضاء وقت طويل في استخدام التكنولوجيا سيؤدي إلى التقصير بأداء الواجبات المدرسية وتراجع الأداء الأكاديمي وتدني الدرجات.


المراجع

  1. ^ أ ب Aarohi Achwal (2020), "Parenting And Technology – Challenges And Suggestions For Parents In The Digital Age", firstcry parenting, Retrieved 2021. Edited.
  2. ^ أ ب "The Negative Effects of Technology on Children", NATIONAL UNIVERSITY, Retrieved 2021. Edited.
  3. "9 Important Strategies for Raising Children in a World of Technology", becomingminimalist. Edited.
  4. "How and When to Limit Kids' Tech Use", The New Yourk Times, Retrieved 2021. Edited.
  5. "Screen time and your family: a healthy approach", raisingchildren.net.au, 2020, Retrieved 2021. Edited.
  6. "5 Benefits of Technology for Children ", HughesNet, Retrieved 2021. Edited.
  7. "Impact of technology on kids today (and tomorrow).", WGU, 2019, Retrieved 2021. Edited.