إن إنجاب الأطفال ووجودهم مصدر سعادة للأسرة، ولكن بعض الأسرة قد تواجه أحيانًا تحديات ومشكلات بسبب عجزها عن التعامل مع بعض أنماط الأطفال، ومن تلك الأنماط أو الشخصيات هو وجود طفل وحيد داخل المنزل دون أشقاء، وعلى الرغم من أن وجود أطفال في الأسرة يرتب عليها مسؤولية كبيرة، إلا أن وجود طفل وحيد في الأسرة يعد مسؤولية أكبر، وقد أكد الخبراء على أن المبالغة في تدليله وإحاطته بقدر زائد من العناية تجعله أنانيًّا، وكثير الاعتماد على ذويه، وقد يصبح انطوائيًّا إن لم يحصل على العناية المناسبة، فالتوازن على درجة كبيرة من الأهمية في التربية الأسرية،[١] وفي هذه الحالة تكون الأسرة نفسها بحاجة إلى مجموعة من النصائح والتوجيهات للتعامل مع طفلها ومساعدته لتكوين شخصية متكاملة وناضجة، خصوصًا مع انتشار بعض المفاهيم والصور النمطية التي يطلقها المجتمع أحيانًا على الطفل الوحيد؛ كالمدلل، أو الأناني، أو العدواني، أو الانعزالي، وتلك المفاهيم قد يكون سببها أساليب التنشئة الأسرية وليس لأن الطفل وحيد، لذا فإنّ التعامل بتوازن عاطفي وعقلي مع حالة وجود طفل وحيد داخل الأسرة يعّد متطلبًا أساسيًّا لمساعدة الطفل على النمو السليم داخل المجتمع.[٢]


تربية الطفل الوحيد

يهتم الوالدان بالطفل الوحيد داخل المنزل اهتمامًا كبيرًا وشديدًا، إذ إنّ عدم وجود أشقّاء داخل المنزل قد يؤثر سلبًا على مزاج الطفل وتفكيره، وقد يكون سببًا لشعور الطفل بالاكتئاب والعزلة والقلق، ويزيد من فرص غضب الطفل وتشكّل سلوك عدواني لديهن وهذا يتطلب منهما استخدام أساليب تربوية صحيحة، ومساعدة الطفل على تحقيق متطلبات المرحلة النمائية باتّزان وبناء شخصية متوازنة بعيدة عن الصورة النمطية للطفل الوحيد، خصوصًا فيما يتعلق بالاستقلالية والتقليل من الاعتماد على الوالدين، كما تجب مساعدة الطفل على إدراك وجود حدود وإجراءات تنظّم السلوك لديه؛ فوجود طفل وحيد يعني أنّه يحتاج إلى اهتمام أكبر من الوالدين أو مقدمي الرعاية؛ لتعويضه عن عدم وجود أشقاء وشقيقات داخل الأسرة، ومن الضروري الإشارة إلى أن تربية الطفل الوحيد تعد جيدة بالنسبة للأم والأب؛ إذ إنّ ذلك سيقدم لهم فرصة لتقديم رعاية وتربية نوعية للطفل، بالإضافة إلى أن ذلك سيمنح الوالدين فرص أكبر لممارسة أنشطتهم وأعمالهم الخاصة.[١]


الأساليب التربوية للتعامل مع الطفل الوحيد

توجد مجموعة من الإرشادات والنصائح والأساليب التي يمكن تقديمها للأسر التي لديها طفل وحيد، ومن تلك الأساليب التربوية يمكن الإشارة إلى ما يلي:[٢][٣]


1. تشجيع الطفل على التفاعل مع الآخرين

غالبًا ما يتعامل الأطفال مع أصدقاء وهميين كالدمى والألعاب؛ للابتعاد عن الشعور بالوحدة، لذا عند إنجاب طفل وحيد تجب مساعدته في ترتيب الأنشطة الاجتماعية في كثير من الأحيان، كمواعيد اللعب في المنزل، مع الحرص على مشاركة ألعابه مع والديه، كما يجب تخصيص وقت للعب في منزل أحد أصدقاء أو أقارب الوالدين؛ وذلك لمنح الطفل فرصة للتفاعل مع أقرانه، كما يمكن منحه فرص للتفاعل الاجتماعي من خلال وضعه في سن صغيرة في دار للحضانة؛ وذلك حتى يسهل عليه الاندماج بسرعة مع أقرانه، وينعم باللعب مع الأطفال الذين يفتقدهم في المنزل.


2. وضع قوانين وحدود وإجراءات واضحة

يجب أن يدرك الطفل أهمية النظام والقوانين خلال تفاعله مع البيئة المادية والبشرية حوله؛ وذلك ليستطيع تكوين مفاهيم واضحة حول دوره داخل المنزل وخارجه، ومن الضروري أن نشير إلى أن شعورنا بالمحبة تجاه الطفل الوحيد وربما شعورنا بالذنب يجعلنا نتهاون أحيانًا بالقواعد والإجراءات داخل المنزل، لذا يجب التنبّه إلى أن الطفل هنا يتعلم من خلال التربية، ويتعرَّف إلى الخطأ والصواب من خلال القواعد المنزلية، لذلك يجب التأكَّد من وضع قواعد منزلية واضحة تنطبق عليه ولا يمكن التهاون بها.


3. الالتزام بالواقعية

إذ إنّ الطفل الوحيد يسعى لتحقيق توقعات والديه، وبسبب عدم وجود طفل غيره داخل المنزل سيكون التركيز فقط على سلوكه، لذا يهتم الطفل بأن يقدم الأفضل دون أخطاء، لذلك يجب على الوالدين الالتزام بالواقعية وعدم توقّع الكمالية من طفلهم، مع تشجيعه على المحاولة وتصحيح الأخطاء دون لومه، ومن الضروري ألا يبالغ الوالدان في التوقعات؛ فقد تكون اهتمامات الطفل مختلفة عن التوقعات.


4. مشاركة الطفل والتفاعل معه

يحتاج الطفل إلى تطوير مهاراته الاجتماعية، بالإضافة إلى حاجته إلى الاهتمام لتحقيق احتياجاته العاطفية من الوالدين، لذا فإن المشاركة والتفاعل مع الطفل خلال أنشطته المختلفة ستكون من الأمور والأساليب التربوية الإيجابية التي يوصى بها، ومن المهم أن يشارك الأب وتشارك الأم طفلهما الوحيد حياته كأصدقاء، مع مشاركته اللعب والنشاطات والقراءة والحديث والقرارات.


5. تعزيز الاستقلالية لدى الطفل

يمكن للآباء تعزيز الاستقلالية، وتجنّب اعتماد الطفل عليهم، خصوصًا وأنّ الطفل الوحيد يحصل على رعاية واهتمام خاص من والديه، ولتعزيز الاستقلالية لا بد من منح الطفل بعض المسؤوليات داخل المنزل وخارجه، فالطفل يكون بحاجة إلى تعلّم كيفية شغل نفسه والاستمتاع دون الاعتماد على أحد، كما يجب تشجيع الطفل على إنجاز أموره الشخصية بالاعتماد على نفسه، وترتيب غرفته وحاجاته الخاصة.


6. مساعدة الطفل في بناء عالمه الخاص

يحتاج الطفل إلى أن يشعر بأهميته داخل الأسرة، وأن يكون قادرًا على اختيار أصدقائه وقرارته دون الاعتماد على والديه، لذا يجب على الأسرة إيجاد مساحة خاصة للطفل في التعبير عن نفسه.


7. عدم المبالغة في الاهتمام والرعاية

إن الدلال المبالغ فيه قد يتسبب بنشوء طفل اعتمادي كسول، فالعاطفة والرعاية المقدمة من الأسرة للطفل يجب أن تكون متوازنة ما بين الاهتمام والجدّية عند التعامل مع الطفل، دون مبالغة في الخوف على الطفل، إذ إن ذلك سيدفع الطفل إلى الشعور بالقلق والتردد، مع وجود مخاوف دائمة ترافقه، وذلك سيجعله أقل قدرة على مواجهة العالم وحده.


إضاءة

إن الطفل الوحيد داخل المنزل لا يعد مشكلة تتطلب تدخّلًا تربويًّا ونفسيًّا خاصًّا إلّا إذا تطوّر سلوك الطفل ليصبح أكثر ميلًا إلى الانعزالية أو العدوانية، وتوجد مجموعة من المؤشرات التي تظهر على الطفل الوحيد والتي تعطي للأسرة ومقدمي الرعاية إشارة بأنّ ذلك الطفل وأسرته يحتاجون إلى النصيحة والدعم النفسي والتربوي، فالبيئة الأسرية هي العامل الحاسم في أن يصبح وجود طفل وحيد داخل المنزل إيجابيًّا أم سلبيًّا؛ إذ إن الطفل الوحيد قد يكون شخصًا متميزًا ومتَّزنًا نفسيًّا واجتماعيًّا، وقد يصبح شخصًا مدللًا واتكاليًّا أنانيًّا، لذا يجب على الأسرة أن تدرك أنها هي من تصنع طفلًا وحيدًا سلبيًّا، وهذا يعتمد على الطفل والنمط التربوي السائد داخل الأسرة والبيئة التربوية المحيطة به، وإن الالتزام بالنصائح التربوية والأساليب التربوية الصحيحة يساعد الأسرة ومقدمي الرعاية على أن يكون ذلك الطفل الوحيد إنسانًا إيجابيًّا فعّالًا داخل المجتمع.[١]

المراجع

  1. ^ أ ب ت "Is Only-Child Syndrome Real?", www.scientificamerican.com. Edited.
  2. ^ أ ب "12 Tips for Raising an Only Child ", www.parents.com. Edited.
  3. "12 Things Everyone Should Know About Only Children", www.greatist.com. Edited.