الصدق من أهم الصفات التي يتمنى الوالدان تعليمها لأطفالهم، فهي سمة يقدّرها الكثير من الناس، وتعتبر قيمة خُلقية لجميع البشر، والتحلّي بها يضيف على الشخصية تميّزًا وثقة بالنفس، ويرفع من مستوى الأهمية الذاتية والمجتمعية للفرد، لذا من المهم أن تكون ضمن أولويات الوالدين خلال تربيتهم لأطفالهم،[١] يمكنك أن تتحدث مع أطفالك حول ما يعنيه أن تكون صادقًا، ولماذا يعّد الصدق قيمة مهمة، ويمكنك تشجيعهم على الصدق من خلال بناء علاقات ثقة مع أطفالك ومساعدتهم على تنمية الوعي الذاتي، وإخبارهم بأنّ قول الحقيقة قد يبدو صعباً في بعض الأحيان ولكنه أفضل من الكذب.[٢]
أساليب تربية الطفل على الصدق
يعدّ الصدق القاعدة الأولى لبناء الأخلاق الحميدة لدى الأطفال، لذا يجب الالتزام بمجموعة من الأساليب والطرق التي تساعد الأطفال على الالتزام بالصدق خلال مراحل مبكرة من أعمارهم، ومن تلك الأساليب ما يلي:[٣][٤]
أولاً: كن قدوة صالحة
يجب عليك أن تكون قدوة لأطفالك، وذلك من خلال سعيك لتوافق أقوالك أفعالك في جميع المواقف التي تتعرض لها، ومن هنا احرص على ألا تكذب عليهم، ولا تدعهم يسمعونك تكذب حتى ولو بالمزاح، ولا تقدّم أي وعود لأطفالك أنت غير قادر على الوفاء بها، وإلا فقم بشرح سبب ذلك بشكل صادق وواضح ومناسب أمام أطفالك، وتذكّر بأنّ طفلك يراقبك دائماً، فبدلاً من إجراء حديث مطوّل معه قد لا يفيده أو يستوعبه كما يجب كن قدوة يقتدي بها طفلك.
ثانياً: لا تضعهم تحت الاختبار وأعطهم مساحة شخصية لهم
حاول تجنب طرح الأسئلة التي قد تجبر طفلك على قول الكذب، ومثال ذلك إذا سكب الطفل العصير على الأرض فلا داعي لأن تسأله مباشرة بحدة وغضب: "هل سكبت العصير على الأرض للتو؟" لأنّ هذا قد يربكه ويقوده إلى الخوف أو ربما إلقاء اللوم على شخص آخر لا علاقة له، وعليه ففي هذه الحالة أخبره فقط أن يقوم بتنظيف العصير، وتذكر دائماً ضرورة التعامل مع طفلك بلطف وهدوء وود، واحرص على ألا توجه اللوم الحاد أو تصرخ عليه، فهذا حتماً سيعود بالسوء عليه.
ثالثاً: كافئ السلوك الصادق
سارع في تقديم الثناء لطفلك حين يصدقك الحديث، فذلك سيبني في نفسه الثقة ويعزز سلوكه الإيجابي، هذا بالإضافة إلى أن الطفل سيدرك بأنّ الصدق سيمكنه من الحصول على الكثير من الحب، لذا أظهر تقديرك في كل مرة يقول فيها الحقيقة، كأن تقول له: "لقد تطلّب الأمر شجاعة منك يمكنك أن تفخر بنفسك لأنك تسعى لتكون طفلاً صادقاً".
رابعاً: ضع قواعد وحدودًا ولا تتهاون بها
من المهم أن تكون هناك ردود فعل مناسبة من قبل الوالدين عند كذب الأطفال، إذ يجب أن يدرك الطفل أنّ هناك عواقب نتيجة لسلوكياته فكما أن هناك ثناء للصدق وتقديم مكافئات مثلاً سيكون هناك عقاب للكذب، ومن الضروري عدم التهاون فيه، يمكنك أن تشاهد مقاطع على اليوتيوب لأشخاص تربويين أو سؤال أهل الاختصاص حول أساليب العقاب المناسبة والتربوية لطفلك، حتى لا تتأثر شخصيته سلباً وينشأ ليكون طفلاً ضعيف الشخصية في المستقبل.
خامساً: أنبته لتصرفات طفلك... وعالج المواقف بشكل فوريّ
إذا لاحظت أن طفلك الصغير دائماً ما يختلق قصة عن تعرضه للأذى في المدرسة على سبيل المثال أو يخبرك بشيء غير حقيقي، فقد يكون ذلك سلوكاً يستدعي الانتباه والاهتمام، إذ إنّ بعض الأطفال قد يسردون قصصًا غير حقيقية من أجل لفت الانتباه أو تحقيق غاية في نفوسهم، لذا احرص على أن تتعامل مع الموقف بحزم ومسؤولية، ولا تقدم أي معزز للطفل (خاصة فيما يتعلق بالإيماءات الجسدية التي تعني القبول والرضا كالابتسامة أو الصمت)، لأنّ ذلك سيُفهم على أنه موافقة منك لذلك التصرّف، لذا فلا تعزز أو تكافئ السلوك بتصرفك دون قصد منك وعالجه مباشرة وبشكل فوريّ.
سادساً: أخبر أطفالك بقصص وحكايات عن الصدق
قم بقراءة بعض الحكايات التي تتناول الحديث عن أهمية الصدق وتسلط الضوء على عواقب الكذب، وأخبرهم قصصًا تظهر كيف نكون صادقين في المواقف الصعبة، فإن التحدث عن سلوك الصدق من خلال الشخصيات الموجودة في الكتب التي يقرؤونها يمكن أن يثير مناقشة ملهمة ومفيدة لهم لتعزز قيمة الصدق لديهم، هذا فضلاً عن أنّ هناك العديد من القصص التي يمكنك قراءتها لطفلك لمساعدته على فهم سبب كون الصدق هو نقطة انطلاق مهمة لتحقيق السلام والنجاح في الحياة.
سابعاً: احرص أن يكون أصدقاء طفلك صادقين أيضاً
كما يقول علماء النفس والتربية فإن الأصدقاء مرآة لطفلك، فإذا كان أصدقاء طفلك يكذبون، فسيكون طفلك كذلك. ولكن إذا كان أصدقاء طفلك صريحين وصادقين، فسيكون ابنك أو ابنتك كذلك، ومراقبة أصدقاء طفلك تشمل الأصدقاء على منصات التواصل الاجتماعي أو من يلعبون معهم ويشاركونهم وقت المرح، لذا حافظ على مسافة قريبة من طفلك وتابع شبكة علاقاته وطريقة تفاعله معهم.
ثامناً: التعلّم باللعب
تعتبر الألعاب والأنشطة وسيلة ممتعة لتعليم القيم للأطفال، ومثال ذلك: عندما يقوم الوالدان بمشاركة أطفالهم لعبة ما عليهم شرح التعليمات والقوانين وشروط تلك اللعبة والالتزام بها بشكل صادق وفقاً للقواعد والتعليمات وشروط اللعبة ليكونوا قدوة لأطفالهم، وهنا سيتعلم طفلك مثلاً أن الغشّ أمر غير مقبول، ولا يبرر.
تاسعاً: التواصل الصادق مع الآخر
خذ بعين الاعتبار تعليم طفلك التواصل مع الآخرين بصدق وشفافية وباحترام أيضاً، نعم، علمه كيفية التحكم في كلماته وردود أفعاله من ناحية وعدم قول أي شيء غير حقيقي فقط لأجل مجاملة شخص ما، ومع ذلك، يجب تعليمه أن يكون دائمًا قادرًا على إيجاد أمر إيجابي لطيف لقوله لأي شخص دون أن يكذب.
كلمة أخيرة
يحتاج الوالدان إلى توجيه أطفالهم ومساعدتهم على تبنّي الصدق، إذ يقودهم إلى تحقيق السلام الدائم والنجاح والسعادة؛ فالصدق والنجاح مترابطان، وكما يؤكد علماء التربية والسلوك وعلم النفس على أنّ الصدق والنزاهة هما عاملان أساسيان في نجاح البشر عموماً، والصدق هو حجر الأساس والقاعدة الرئيسية في تربية الأطفال على الأخلاق بشكل عام. وأنّ الطفل الصادق يسهل تعليمه جميع القيم والمهارات، وهو مشروع لطفل قيادي واجتماعي وقادر على تحمّل المسؤولية في المستقبل، هذا بالإضافة إلى أن مستوى ثقته بنفسه سيكون كبيرًا، حيث إنّ الصدق يرتبط بشكل مباشر مع جميع القيم الإيجابية ويساعد في تطوير شخصية إيجابية فعّالة قوية داخل المجتمع.[٥]
المراجع
- ↑ " The Baby Scientist On Raising an Honest Child ", www.psychologytoday.com. Edited.
- ↑ "Tips for Encouraging Honesty", www.mcc.gse.harvard.edu. Edited.
- ↑ "12 tips for raising truthful kids", www.greatschools.org. Edited.
- ↑ "10 Ways to Teach Your Children to Be Honest", www.allprodad.com. Edited.
- ↑ "How to Raise Honest Children", /www.parentcircle.com. Edited.