الأبوة أو الأمومة، ربما هما من أصعب وأنبل المهام التي يمكن أن يقوم بها أحد، ابتداءً من صعوبة مرحلة الولادة، إلى تجهيز مكانٍ مناسبٍ للطفل، والاهتمام بكل جوانب حياته، والعمل لتوفير احتياجاته، لكن لا بد لهذا العبء أن يقل عندما يكبر طفلك، إذ سيصبح مسؤولًا عن نفسه أكثر، ومع ذلك نجد أن بعض الأبناء يرتبطون كثيراً بوالديهم، فلا يقبلون الابتعاد عنهم، مما يحد من حرية الوالدين، ومن أشكال هذا الارتباط النوم إلى جانب الوالدين، وعدم رغبة الطفل في النوم وحده بشكل مستقل، وهنا يطرح سؤالاً هو (كيف من الممكن تعويد طفلك على النوم وحده؟)، و(متى يجب عليك البدء بذلك؟) وهذا ما سيتم التطرّق إليه في المقال.


ما هي أفضل الطرق لتعويد طفلي على النوم بمفرده؟

هنالك عدة اقتراحات يمكنك تجربتها لتعويد طفلك على النوم وحده، وفي الآتي بيانها:


أولاً: حدد موعداً محدداً للنوم

لا شك أن طفلك سيواصل اللعب والسهر ما لم تضع له حدوداً، لذا أول خطوة عليك القيام بها هي تحديد موعد محدد للنوم، حتى يتم ضبط الساعة البيولوجية عنده، إذ إنّ النوم في أوقات مختلفة كل يوم سيجعل من عملية ذهاب الطفل إلى النوم أمراً صعباً، فعندما يعتاد على ساعة محددة سيصبح الأمر تلقائيًا، فالعقل الباطن يمكنه تخزين هذا الأمر والقيام به دون تفكير، فإذا قلت لطفلك مثلاً إن موعد النوم يومياً سيكون الساعة الثامنة مساءً، ومهدت الظروف لتناسب ذلك، ستجده مع الوقت يذهب للنوم في هذا الموعد، وهذا سيجعل الأمر أسهل.[١]


ثانيًا: جهز طفلك للنوم

من الضروري أن يعتاد الطفل على بعض الأمور قبل الذهاب إلى النوم لتصبح عنده بمثابة الأعمال الروتينية ما قبل النوم، وأول ما يمكن القيام به هو إطفاء التلفاز، والهواتف، والأجهزة الإلكترونية كافة التي تسبب التشتت وتدعو لليقظة، ويفضل هنا أن لا يكون أيّ من هذه الأجهزة في غرفته، هذا بالإضافة إلى ارتداء ملابس النوم (البيجاما)، وغسل أسنانه، وأخذ حمام دافئ، كما بإمكانك مشاركته أيضًا في قراءة قصة ما قبل النوم، المهم احرص على أن يشعر بالراحة والاطمئنان قبل موعد النوم الذي حددته مسبقاً.[٢]


ثالثاً: ابدأ بالتدريج

يجب عليك البدء بالتدريج مع طفلك كي يتقبل فكرة نومه وحده في غرفة النوم، وهذا بالتأكيد أمر صعب عليه، لكن، لا تقلق سيصبح الأمر مع الوقت عادة عنده وأمراً طبيعياً، وبإمكانك اتباع الخطوات التالية لتعويده على النوم بمفرده:[٣]

  • ابدأ بجعل طفلك ينام في سريرٍ منفصل أولاً ولكن في نفس غرفة نومك.
  • بعد أن يعتاد ذلك، ابدأ بجعله ينام في غرفته مع بقائك معه في الغرفة إلى أن ينام، لكن إياك أن تنام إلى جانبه في سريره، وإنما بإمكانك الجلوس إلى جانبه على السرير أو على كرسي والحديث معه عن يومه أو سرد قصة ما قبل النوم.
  • يمكنك أن تطلب منه إغماض عينيه وتتأكد من تغطيته جيداً، وتقبله قبلة على جبينه وتودعه وتشجعه بقولك (تصبح على خير أيها البطل الكبير).
  • بعدها يمكنك أن تبدأ بإبعاد كرسيك عن سريره تدريجياً لكي لا يشعر بأنك ملاصقٌ له، وحاول الخروج من الغرفة عندما يبدأ بالنعاس، إذ سينام دون التفكير بوجودك بقربه من عدمه.


تذكّر: ابدأ بالتدريج وأعطِ كل خطوة وقتًا كافيًا، ليعتاد طفلك على الأمر، بعدها انتقل للخطوة التالية.


رابعاً: اخرج من الغرفة قبل أن ينام طفلك

تباعاً للنقطة السابقة من الضروري مغادرة غرفة الطفل قبل أن ينام، وهذا قد يشعر الوالدان بالقلق، فيبقون معه في الغرفة ينتظرونه حتى يخلد للنوم، ولكن هذا فعل خاطئ، فهذا قد يجعل طفلك مرتبطاً بك أكثر، مما يعني أنه لن يكون قادرًا على أن ينام دون وجودك بقربه، وقد يدفعه هذا للاستيقاظ في منتصف الليل بحثاً عنك، وربما يبدأ بالبكاء والصراخ إذا لم يجدك بقربه، لذا عليك أن تعوده على أن النوم وحده.


وبالتالي فإن كل ما عليك هو تجهيزه للنوم -كما ذكر سابقاً-، ومن ثم مغادرة الغرفة، حتى لو رغب ببقائك حتى ينام، ولو اضطررت للعودة، فبإمكانك أن تطمئن عليه بعد 5-10 دقائق، وتطمئنه بأن لا شيء يستدعي القلق، وأن تخبره بأنك تحبه، وبالطبع تأكّد من أنه يشعر بالدفء، ومن ثم غادر الغرفة.[٢]


خامساً: شجع طفلك على النوم وحيداً

يمكنك ترتيب غرفة طفلك، وتصميم الديكور الذي يحبه؛ لتجعله مرتبطاً أكثر بغرفته وسريره، وبهذا ستوفر له الشعور الكافي بالأمان والطمأنينة، فلو كان طفلك يخشى الظلام، يمكنك أن تشعل نوراً خافتاً ينير بألوان مختلفة تلقائياً، أو أن تترك باب الغرفة مفتوحًا قليلاً، وكذلك إذا كان يخاف من النافذة، قم بإغلاقها أمامه؛ لكي يشعر بالأمان أكثر.


يمكنك التحدث مع طفلك نهاراً عن تخيلاته، ومخاوفه، والوحوش الوهمية التي يخشاها؛ فهذا سيساعده على الشعور بالراحة أكثر، وسيمكنك أيضًا من إقناعه أنها مزيفة، ولا تستدعي الخوف، وإنما هي مجرد قصص للتسلية، كما يمكنك الحديث معه عن مخاوفك عندما كنت بعمره -إذا كان قادراً على استيعاب ما تقوله-، وعن الوحوش التي كنت تخاف منها، وكيف أدركت أنها مجرد خيالات، احرص على أن تتحدث عنها بطريقة مضحكة، فهذا سيساعده على إخبارك بمخاوفه والضحك عليها أيضًا.[١]


سادسًا: كافئ طفلك

إذا تشجع طفلك واستطاع النوم في غرفته ليلةً كاملةً دون بكاء، أو القدوم لغرفتك، فيتحتم عليك هنا أن تكافئه حتى يتشجع على الاستمرار، إذ يمكنك إعداد وجبة إفطار يحبها في اليوم التالي، أو الذهاب في نزهة لمكافأته، أو شراء هدية له، ولا تكتفِ بالدعم المادي فقط، وإنما يجب أن تظهر له بأنك سعيد؛ لأنه قد أصبح قادرًا على الاعتماد على نفسه، والنوم وحيدًا كالكبار.[٤]


في أي عمر يجب أن ينام الطفل لوحده؟

قد يتساءل البعض عن السن المثاليّ للبدء بتعليم الطفل النوم وحده، وفي الآتي توضيح لذلك:

يجب أن تبدأ بتعليم طفلك النوم بمفرده في الوقت المناسب، ويشير الخبراء وأهل الاختصاص أن السن المناسب يكون عند بلوغ طفلك سنّ (2-3) سنوات من العمر، لكن إياك أن تحاول مع طفلك مبكراً، فقد ينعكس ذلك بشكلٍ سلبي عليه، مما يسبب له القلق والخوف من الانفصال عنك ليرفض النوم بمفرده في وقت لاحق، وإذا قمت بذلك متأخراً فقد يصبح الأمر أصعب، لأن طفلك قد اعتاد على النوم إلى جانبك، إذ سيصعب عليك كسر هذه العادة، والبدء بتعليم عادة جديدة.[٤]


المراجع

  1. ^ أ ب "Child sleep: Put preschool bedtime problems to rest", mayoclinic. Edited.
  2. ^ أ ب "How Do I Teach My Child to Sleep Alone?", parents. Edited.
  3. "How to Help Your Child Sleep Alone", psychologytoday. Edited.
  4. ^ أ ب "How to Make Your Child Sleep Alone", firstcry. Edited.