تربية الطفل على الثقة بالنفس

يعد تقدير الذات واحترامها طريقًا لبناء الثقة لدى الطفل، وذلك مهم للطفل لتجاوز مراحله النمائية بنجاح، وإنّ تربية الطفل على الثقة بالنفس تبدأ في مراحل مبكرة من حياته، ويجب التركيز في تلك المرحلة على سلوك الطفل ومشاعره، والتي تبدأ من خطواته النمائية الأولى؛ كالكلام، والحبو، والمشي، إذ إن تعزيز ذلك يساعد الطفل على النجاح مرة أخرى، فعندما يكون الأطفال واثقين من أنفسهم فهذا يعني أنه بإمكانهم تحفيز أنفسهم لمواجهة تحديات جديدة والتعامل مع الأخطاء والتعلّم منها، كما أن الثقة بالنفس تمثل طاقة وقوة داخلية تساعد الأطفال خلال مراحل حياتهم كلها.^[١]

أهمية الثقة بالنفس لدى الأطفال

تلعب الصحة الاجتماعية والسلوكية والعاطفية والنفسية للطفل دورًا حاسمًا في كيفية التعامل مع الضغوط والمشكلات الذاتية، أو مع الآخرين والتحديات الأخرى خلال مراحل حياة الإنسان، ويعد تقدير الذات الإيجابي والثقة بالنفس عاملًا وقائيًّا للصحة العقلية والجسدية الجيدة، إذ يساهم ذلك في تنمية الثقة في السلوك الاجتماعي الإيجابي لدى الأطفال، ويلعب دور قوة داخلية تدعم الطفل وتساعده عندما يعاني من التوتر أو عندما يواجه المواقف السلبية الصعبة.^[٢]

طرق تربية الطفل على الثقة بالنفس

إنّ تربية الطفل على الثقة بالنفس تحتاج إلى مثابرة وجهد من الأسرة والمدرسة، إذ إنّ التأثير على الطفل بشكل إيجابي ورفع مستوى تقديره لذاته يتطلب مجموعة من الإجراءات والمتابعة المتواصلة، ومن تلك الأساليب والطرق ما يلي:^[٣][٢]

1. كن قدوة ونموذجًا يحتذى به

إن رؤية طفلك لك وأنت تؤدي المهمات الجديدة بتفاؤل، وتواجه التحديات بإيجابية هي نموذج جيد للأطفال، فالأطفال يتعلمون كثيرًا من سلوكياتهم بالتقليد والنمذجة، لذلك إذا أردت تعليم أطفالك الثقة بالنفس لا بد أن تكون أنت كذلك.

2. لا تنزعج من الأخطاء ولا تبالغ في ردة الفعل

ساعد طفلك على أن يدرك أن الجميع يرتكبون أخطاء، وأن الشيء المهم هو التعلم منها، وليس التوقف عندها والمبالغة في العقاب وتأنيب النفس، إذ إنّ الأشخاص الواثقين من أنفسهم لا يعرفون الخوف من الفشل، وذلك لأن الخوف قد يعيق طريقهم، كما يجب عليهم أن يعرفوا كيفية تجاوز النكسات، ليصلوا إلى ما يريدونه.

3. شجعهم على تجربة الأشياء الجديدة

إن محاولة تجربة الأطفال لأشياء جديدة، ون الاكتفاء بتركيز كل طاقاتهم على ما يتفوقون فيه بالفعل يشكّل فارق لدى الأطفال، كما أنه يؤدي إلى توسيع مهاراتهم ومعارفهم، فالتنويع يضيف قيمة إلى حياة الأطفال، كما أن اكتساب مهارات جديدة يجعل الأطفال يشعرون بأنهم قادرون على التعلم والتعامل مع أي شيء أو موقف يواجههم في حياتهم.

4. احرص على التعلّم من خلال التجربة والخطأ

إن الأخطاء والفشل تكسب الطفل خبرة جديدة، لذا لا بد من التسامح مع أخطاء الأطفال أو فشلهم، إذ إنّ قانون التجربة والخطأ هما الطريقة التي يتعلم بها الأطفال، كما أن التقصير في تحقيق الهدف أو الفشل في تحقيقه يساعد الأطفال على اكتشاف أنّه حدث طبيعي غير مقلق، ويمكن لذلك أن يحفز الأطفال على بذل جهد أكبر في المرات اللاحقة، مما يزيد من ثقتهم ومستوى تقديرهم لذواتهم.

5. ساعدهم على المثابرة والعمل

إنّ الثقة بالذات واحترامها وتقديرها ليست مفاهيم مرتبطة بالنجاح طوال الوقت، بل إنها مرتبطة أيضًا بالمرونة والقدرة على المحاولة، وعدم الشعور بالضيق في حال لم تكن النتيجة كما نطمح.

6. ادعم الاستقلالية لديهم

من المهم السماح للطفل بالنمو بشكل أكثر استقلالية ومساعدته على أن يكتشف كيفية التحدث إلى الوالدين والمعلمين حول المشكلات التي تواجه، وتنظيم الواجبات المنزلية، ومن الضروري تجنّب التقليل من قدرات الأطفال على فعل الأشياء بأنفسهم؛ إذ إنّ ذلك قد يؤثر سلبًا على تقديرهم لذاتهم، كما أنّه يسلبهم الاستقلالية.

7. ساعدهم في اكتشاف ذواتهم

إن مساعدة الطفل في الحصول على شغفه واستكشاف اهتماماته وإمكانياته ومواهبه ومهاراته الخاصة، تساعده على تطوير هويته الخاصة التي يفتخر بها ويسعد بها، وهو أمر ضروري لبناء الثقة بالنفس، كما أن رؤية مواهبه تنمو ستعطيه أيضًا دفعة وطاقة كبيرة لتقديره لذاته.

8. حدد الأهداف ووضحها

إن تحقيق الطفل للأهداف يجعله يشعر بالقوة، لذلك حاول تقسيم تلك الأهداف ومساعدة الطفل على تحقيقها فالنجاح يولّد نجاح، ويعزز الدافعية والنشاط، كما يجب أن تساعد طفلك على تحويل الرغبات والأحلام إلى أهداف يمكن تنفيذها، وذلك بتشجيعه على وضع قائمة بالأشياء التي يرغب في تحقيقها، ثم تدريبه على تقسيم الأهداف طويلة المدى إلى معايير واقعية، بالإضافة إلى تعليمه المهارات والمعارف التي سيحتاجها لتحقيق أهدافه طوال حياته.

9. احرص على التعزيز والإثابة

إنّ مكافأة الطفل على تحقيق الأهداف وإنجاز المهام يعد أمرًا رائعًا، وكذلك التعزيز اللفظي الذي يتمثل بإخباره بأنك فخور بجهوده بغض النظر عن النتيجة، ولا بد من أن يعي طفلك بأنك تقدر العمل الذي يفعله، بغض النظر عن قيمة الإنجاز وحجمه.

10. شاركهم أنشطتهم

إنّ الأطفال يشعرون بمزيد من الترابط والتقدير عند الاعتماد عليهم لإنجاز وظائف مناسبة لأعمارهم، وكذلك عند مشاركة الوالدين لهم في تلك الأعمال، إذ تعد الواجبات المنزلية وأنشطة ما بعد المدرسة فرصة رائعة لتعزيز الترابط وزيادة الثقة بالنفس.

11. علمهم أنّ مفهوم الكمال غير واقعي

إنّ مفهوم الكمال أمر غير واقعي، ومن المهم أن توصل تلك الرسالة للأطفال، إذ لا بد أن يعي الأطفال بأنّ فكرة وجود أشخاص سعداء وناجحين طوال الوقت هي فكرة خيالية وغير واقعية، وأن البشر لن يصلوا إلى الكمال، بل المطلوب هو السعي نحو تحسين المهارات والقدرات الموجودة وتعلم مهارات جديدة إن أمكن.

12. احرص على خلق تحديات جديدة

يجب على الوالدين مساعدة الأطفال من خلال فرص ومساحات جديدة لتعلّم مهارات جديدة، إذ إن تحقيق النجاح في تلك التحديات يعد أمرًا جيدًا للأطفال، ولكن يجب أن تتاح لهم فرص أكثر، إذ إن ذلك يمكنهم من التأكد من قدرتهم على تحقيق النجاح، بالإضافة إلى أنه يساعد الأطفال على الانخراط في الأنشطة التي تجعلهم يشعرون بالراحة والثقة الكافية لمواجهة تحديات أكبر.

13. حافظ على التواصل العاطفي معهم

يجب أن يدرك الطفل بأنك ستحافظ على حبك له وتقديرك له بغض النظر عن الفوز أو الخسارة في التحديات، أو نجاحه وفشله، إذ إنّ التقدير العاطفي للطفل يساعد في رفع مستوى تقديره لذاته، ويدرك أنك راضٍ عنه في جميع الأحوال، وأنّ جهده محط تقدير.

14. العب معهم

إنّ اللعب مع الأطفال ومشاركتهم الأنشطة الترفيهية يعزز لديهم تقدير أنفسهم، خصوصًا في الألعاب التنافسية، لذلك لا يمكن إغفال هذه الخطوة خصوصًا وأنها تزيد من ترابط العلاقة بين الطفل ووالديه.

إضاءة

يعد التواصل الاجتماعي الواقعي بعيدًا عن الأجهزة الإلكترونية من أهم الطرق والأساليب لتربية الطفل على الثقة بالنفس، بعكس الانعزال مع الأجهزة الإلكترونية الذي يعد أبعد ما يكون عن التفاعل الحقيقي مع الآخرين، والذي يقلل من فرص تطوير ثقة الطفل بنفسه، لذلك فإن تشجيع الطفل على رؤية أجداده وخالاته وأعمامه وأبناء عمومته وأقاربه وزيارتهم يساعد على تقوية إحساسه بمن يهتمون لأمره ويحبونه، إلى جانب ذلك من الضروري الحرص على تعزيز مشاركة الطفل في الأنشطة الاجتماعية والترفيهية والثقافية، إذ يعزز ذلك من مستوى تقدير الطفل لذاته، ويرفع من ثقة الطفل بنفسه.^[٤]