يُشكل طلاق الوالدين صدمة للطفل تنعكس سلبًا على جوانب كثيرة في حياته، ومن الممكن أن يتسبب بعزوفه عن الزواج مستقبلًا بسبب الآثار المترتبة على هذا الانفصال، ما يحتم على الوالدين مساعدة أطفالهم على تجاوز هذه المرحلة، وفي هذا المقال سنستعرض الطرق الفعالة لتربية الأطفال بعد الطلاق، وكيفية تهيئة الطفل لاستقبال هذا القرار، وبعض الآثار المترتبة على طلاق الوالدين.


ما هي الطرق الفعالة لتربية الأطفال بعد الطلاق؟

يجد الآباء والأمهات صعوبة في التعامل مع أطفالهم بعد الطلاق، ما يحتم اللجوء إلى طرق مختلفة للتربية تتناسب مع ظروف هذه المرحلة، وفيما يلي نستعرض بعض الطرق الفعالة لتربية الأطفال بعد الطلاق:[١][٢][٣]


1. الاستعداد لهذه المرحلة

يمكن للوالدين مساعدة الطفل على الاستعداد لهذه الخطوة قبل الانفصال، وشرح حقيقة بأنه سيعيش ويتنقل بين منزلين، مع مراعاة أن التنقل ليس بالأمر السهل، إذ إنه يتسبب بشعور الطفل بعدم الاستقرار، فمثلًا عندما يقول الطفل لا أريد الذهاب لمنزل والدي، قد تعتقد الأم أن طفلها يعاني من مشكلات مع والده، ولكن الأمر في الحقيقة يتعلق بالتنقل، لذا تجب مراعاة هذا الأمر.


2. مراعاة اختلاف الروتين

لكل منزل قواعد وإجراءات مختلفة، ما يجعل الآباء والأمهات غاضبين في بعض الأحيان بسبب عدم التزام أطفالهم بهذه القواعد، على سبيل المثال: إلقاء حقائبهم المدرسية عند الباب (روتين الأم) بدلًا من أخذها إلى غرفة النوم (روتين الأب)، فيثار غضب الأب عند رمي الحقائب عند الباب، وعليه يجب تذكير الطفل بالقواعد المتعلقة بالمنزل دائمًا.


3. التنسيق بين الوالدين على رعاية الأطفال

يجب على الآباء والأمهات المنفصلين وضع خطة أسبوعية للتنسيق بينهما فيما يتعلق بالأطفال، إذ يتيح هذا التنسيق والتواصل معرفة الفعاليات والأنشطة التي جربها الطفل خلال وجوده عند الطرف الآخر، وعليه يعرف الطرف الآخر الذي سيتولى مسؤولية الطفل الأسبوع المقبل ما ينبغي له أن يفعل، على سبيل المثال: إذا كان الطفل يقيم عند والدته هذا الأسبوع وحصل على علامة غير جيدة في اختبار ما، من الجيد إخبار الأب لتدريب ابنه وتكثيف الدروس خلال عطلة نهاية الأسبوع التي يمضيها مع طفله.


4. وضع مصلحة الأطفال أولًا

بعد الانفصال ستظل أنت وطليقتك شريكين في تربية الأطفال، لذلك يجب عليكما دائمًا اتخاذ قرارات تصب في مصلحة الطفل، فالهدف تربية الأطفال بأفضل طريقة ممكنة، على سبيل المثال قد تخطط للزواج مرة أخرى وترغب في قضاء شهر عسل لمدة أسبوعين، وقد ترفض شريكتك السابقة تغيير جدول حضانة الأطفال، فبدلًا من قضاء شهر العسل لمدة أسبوعين، يمكنك الذهاب بعيدًا لقضاء عطلة نهاية أسبوع طويلة مع زوجتك الجديدة حتى تتمكن من العودة في الوقت المحدد لتبادل حضانة الأطفال.


5. حسم الأمور المالية

يجب حسم الأمور المالية المتعلقة بالطفل بعد الانفصال، ويجب تحديد نمط الحياة الذي سيعيشه لتسوية الأمور المالية المرتبطة باحتياجاته، وفي حال عدم القدرة على تأمين بعض الاحتياجات الخاصة به، احذر أن تقول للطفل اطلب من والدتك أن تشتري لك هذا.


6. تحديد قواعدك الخاصة

لا يمكنك التحكم في كيفية تربية شريكتك السابقة لطفلك إلا في حال سوء المعاملة أو الإهمال، فأنت المسؤول الوحيد عن طفلك عند وجوده معك، وبإمكانك وضع القواعد التي تناسب مبادئك، ليلتزم الطفل بتطبيقها.


7. تبادل الأطفال

يتعين على الآباء والأمهات رؤية بعضهم عند تبادل الأطفال، إذ يمكن اختيار مكان محايد يسمح بتبادل الأطفال من أحد الوالدين إلى الآخر بسهولة، ومن الأفضل أن يكون في هذا المكان الكثير من الأشخاص تجنبًا لأي تصادم قد يحدث، أما في حال مواجهة صعوبة في تطبيق ذلك وجهًا لوجه، يمكن أن يحدث التبادل من مركبة إلى أخرى ويبقى الوالدان كل في سيارته الخاصة، إذ يخرج الأطفال فقط من السيارة وينتقلون إلى سيارة الوالد الآخر، ويمكن أن يساعد ذلك في الحد من التفاعلات السلبية المحتملة التي قد تؤثر سلبًا على الأطفال.


8. إبعاد الأطفال عن الخلافات

من الضروري معالجة الخلافات بينك وبين طليقتك بعيدًا عن عيون أطفالك، واحذر من أن تستخدم طفلك كمستشار، وتجنب التحدث عن والدته بطريقة سيئة؛ إذ إن التعبير عن كرهك لها سيجعله يعتقد بأنك تكره لأنه جزء منها أيضًا.


9. إبعاد الأطفال عن الانحياز

لا تتحدث مع طفلك عن شريكتك السابقة "والدته" بطريقة سلبية تجبره فيها على الانحياز، فلا يريد الأطفال الانحياز إلى أحد الوالدين إطلاقًا، مثلًا في حالة الخيانة الزوجية يشعر الطرف الذي تعرض للخيانة بأن لديه عذرًا لجعل طفله يكره الطرف الآخر، لكن هذا غير صحي، إذ تجب مساعدة الطفل على تكوين علاقة صحية مع الطرفين.


10. تجنب جعل الطفل وسيطًا بينكما

إذا كانت لديك رسالة أو سؤال يتعلق بطفلك، تواصل مع شريكك السابق مباشرة، ولا تجعل طفلك وسيطًا بينكما، مثلاً عندما تطلب الأم من طفلها النوم باكرًا يبدأ الطفل بالتلاعب للحصول على ما يريد من خلال الكذب فيقول: "يسمح لي أبي بالبقاء مستيقظًا حتى الساعة 10 مساءً"، لذلك يجب التحقق من صحة ما يقوله طفلك بالتواصل المباشر مع الأب، ثم الرد عليه: "لقد تحدثت إلى والدك، وهو لم يقل ذلك، لا أريدك أن تكذب علي"، وعندها سيكتشف طفلك بسرعة أن هذا النوع من التلاعب لن ينجح.


11. إدارة غضبه

يواجه العديد من الأطفال صعوبة في الانتقال ذهابًا وإيابًا بين منزل والديهم كل أسبوع، مما يتسبب بنوبات من الغضب في بعض الأحيان، ربما يعود ذلك لرغبتهم في أن تعود العائلة للعيش معًا، لذلك كن متعاطفًا معه عند الغضب، وتستطيع أن تقول له: "يبدو أنك غاضب، هل تريد إخباري بما يحدث؟"، بإمكانك أيضًا الإطراء عليه عندما يتصرف بطريقة إيجابية، مثلًا قل له: لاحظت هذا الأسبوع أنك كنت هادئًا جداً عندما عدت إلى المنزل، أعلم أن هذا صعب عليك، وأقدر ذلك".


12. تجنب التنازل عن معاقبته بدافع الشعور بالذنب

يتصرف العديد من الأطفال بشكل غير لائق، وقد يتصرفون بطريقة سيئة بسبب التوتر والقلق الناجم عن انفصال والديهم، ما يدفع الوالدين إلى عدم معاقبتهم بسبب لوم أنفسهم وأنهم السبب بهذه التصرفات، وهذا غير صحيح أبدًا، إذ يجب أن تُعلم طفلك كيفية إدارة مشاعره بشكل مناسب، فهو بحاجة إلى هذه المهارة أكثر من أي وقت مضى، ويجب فرض عقوبات مناسبة إذا لزم الأمر.


13. تجنب الأسئلة عن الشريك السابق

تجنب توجيه أسئلة لابنك تتعلق بالشريك السابق، على سبيل المثال: "ماذا أعدت لك والدتك على العشاء، أو هل كان معها أحد في المنزل؟"، إذ إن هذا النوع من الأسئلة يشبه الاستجواب وقد يضع الطفل في موقف صعب ومحرج، وعليك أن تتذكر أن الطفل في هذه المرحلة سيخفي أي إجابة قد يعلمها عن أي طرف لتجنب تأزيم الخلافات بين والديه.


14. تجنب تأكيد مشاعره السلبية

عندما يعود طفلك إلى المنزل ويشتكي من والدته بأنها لم تفعل له الأمر الذي يريد، أو أنها لا تصطحبه بنزهة، قد تشعر بالسعادة والانتصار، لكن عليك ألا تدعم مشاعره الغاضبة، بل يجب أن تحاول إيجاد مبرر مناسب لشريكتك السابقة وتقنع به طفلك.


15. تعزيز شعورهم بالمسؤولية

ساعد طفلك في هذه المرحلة على تطوير شعوره بالمسؤولية مع توفير الكثير من الدعم لهم.


16. التصرف في المواقف غير المتوقعة

توجد بعض المواقف التي قد تصادف بها طليقتك؛ كاجتماعات الآباء في المدرسة، وحفلات الزفاف والتخرج، وإذا تعرضت لهذا الموقف استخدم أسلوب المجاملات اللطيفة مع شريكتك السابقة، لتظهرا بصورة جيدة أمام الأطفال، مثلا اسألها: "كيف حالك أتمنى أن تكوني بخير؟".


17. السماح للطفل بأن يشعر بالحزن

يعد التعبير عن الحزن شيئًا طبيعيًّا ورد فعل على طلاق الوالدين، لذلك اسمح لطفلك بالتحدث إليك بصراحة عن مشاعره، فسيساعده التنفيس عن مشاعره من خلال الكلمات المنطوقة أو المكتوبة على تجاوز هذه الفترة العصيبة.


18. لعب دور الأب

يحاول بعض الأطفال تقمص دور الأب والتصرف كبالغين بعد طلاق الوالدين نتيجة للفراغ لديهم، ما يولد شعورًا بأن عليهم شغل مكان الوالد الغائب، وهي طريقة للتعامل مع ضغط انفصال الوالدين، وعندها يجب أن تؤكد لطفلك بأنه طفل ويجب أن يتصرف بناء على ذلك، وبأنك موجود دائمًا ولست بحاجة لأن يشغل أحد مكانك.


19. طلب الاستشارة إذا تطلب الأمر

يستطيع بعض الأطفال التعامل مع طلاق الوالدين والتكيف مع الوضع الجديد، فيما لا يستطيع البعض الآخر منهم فعل ذلك، ويجب على الآباء والأمهات في هذه المرحلة مراقبة التغيرات التي طرأت على سلوك أطفالهم كزيادة نوبات الغضب وتدني العلامات الدراسية، إلى جانب اضطراب الطعام وصعوبة النوم وإيذاء النفس، إذ إن ظهور مثل هذه العلامات يستدعي اللجوء إلى شخص مختص للحد منها ومعالجتها.


ما هي الآثار المترتبة على طلاق الوالدين؟

ينعكس انفصال الوالدين على أطفالهم بشكل سلبي، إذ لا يستطيع الكثير منهم في معظم الأحيان تجاوز هذه المرحلة بسهولة، ما ينتج عنه آثار سلبية تظهر على سلوك الطفل، وفيما يلي عرض لبعض الآثار المترتبة على طلاق الوالدين:[٤][٥]

  1. ضعف الأداء الأكاديمي: إن تشتت الطفل بين منزلين سينعكس غالبًا على أدائه الأكاديمي، فلا يستطيع الطفل التعامل مع التغيير الدائم في المكان والتوجيهات المختلفة في كل منزل.
  2. فقدان الاهتمام بالنشاط الاجتماعي: يواجه الأطفال الذين يتعرض والداهم للطلاق صعوبة في التعامل مع الآخرين، ويميلون إلى الانعزال، ويحدث ذلك بسبب الشعور بعدم الأمان تجاه الأشخاص الناجم عن انفصال والديهم.
  3. صعوبة التكيف: يعاني الأطفال بعد طلاق والديهم من صعوبة في التكيف مع الأوضاع الجديدة، مثل الانتقال إلى منزل جديد، أو صعوبة التكيف مع نظام حياتهم بعد انفصال والديهم، وقد يصل الأمر إلى صعوبة الانسجام في المدرسة.
  4. الحساسية المفرطة: يتسبب انفصال الوالدين بزيادة الحساسية لدى الأطفال، إذ يحتاج الأطفال في هذه المرحلة إلى شخص يتحدثون إليه لامتصاص المشاعر المكبوتة بداخلهم.
  5. الغضب والانفعال: إن الغضب والانفعال علامات شائعة لدى الأطفال بعد انفصال والديهم، ويحدث ذلك نتيجة للمشاعر السلبية التي تنعكس عليهم بسبب هذا الانفصال.
  6. السلوك السلبي: من الممكن أن يؤدي طلاق الوالدين إلى مخاطر غير متوقعة تظهر على سلوك الأطفال؛ كالتدخين والتمرد واللجوء إلى العنف، فقد أظهرت الأبحاث أن الأطفال الذين عانوا من الطلاق في العشرين عامًا الماضية كانوا أكثر عرضة للمشاركة في الجرائم.
  7. المشكلات الصحية: تظهر المشكلات الصحية كثيرًا لدى الأطفال بعد انفصال والديهم، إذ إنهم يكونون عرضة للأمراض بسبب عوامل كثيرة، مثل قلة النوم والاكتئاب وفقدان الشهية.


كيف أخبر طفلي بقرار الطلاق؟

عندما يتعلق الأمر بإخبار الأطفال بموضوع مصيري كالطلاق، يتعين على الآباء والأمهات الحذر عند الإفصاح عن هذا القرار، وفيما يلي نستعرض بعض النقاط التي يمكن اتباعها لإخبار الطفل بقرار الطلاق:[٦]

  1. التحضير جيدًا لما تود قوله والتخطيط بعناية لذلك.
  2. توقع الأسئلة الصعبة من أطفالك ومعرفة كيف ستُجيب عنها.
  3. إخبارهم بالحقيقة التي أدت إلى الانفصال دون الخوض بالتفاصيل، مثلًا: "سننفصل بسبب عدم التوافق بيننا".
  4. إخبارهم عن التغيرات التي ستطرأ على حياتهم بعد الانفصال، كتغيير مكان السكن والأمور المتعلقة بحضانتهم.
  5. طمأنة الأطفال أنهم ليسوا السبب الذي دفع الوالدين إلى الطلاق.


المراجع

  1. "10 rules for raising happy kids after divorce", 1life, 2019, Retrieved 2021. Edited.
  2. Debbie Pincus, MS LMHC, "Parenting After Divorce: 9 Ways to Parent on Your Own Terms", EMPOWERINGPARENTS.COM, Retrieved 2021. Edited.
  3. Dr. Magdalena Battles, "How To Raise Healthy, Happy Kids After Going Through a Divorce", Lifehack, Retrieved 2021. Edited.
  4. "What Are the Effects of Divorce on Children?", Family Means, Retrieved 2021. Edited.
  5. JoAnne Pedro-Carroll (2020), "Divorce and separation", Encyclopedia on Early Childhood Development, Retrieved 2021. Edited.
  6. Gina Kemp, M.A., Melinda Smith, M.A., and Jeanne Segal (2020), "Children and Divorce", HelpGuide, Retrieved 2021. Edited.