التربية الإيجابية للأطفال

تعد التربية الإيجابية في مرحلة الطفولة طريقة فعالة لتنشئة الأبناء بصورة صحيحة ومميزة، خاصة عندما يُحوّل الآباء والأمهات أساليب التربية الإيجابية وتقنياتها إلى أفعال تعمل على تشكيل شخصية الطفل ونموها بصورة ناجعة ومميزة، فيسعى الوالدان بهذه الطريقة إلى تنمية نقاط القوة الداخلية للطفل بدلًا من التركيز على سلبياته، فما هي الطرق الفعالة لتربية الطفل بصورة إيجابية؟ للإجابة عن هذا السؤال سنعرض في هذا المقال الأساليب المتبعة في التربية الإيجابية وانعكاساتها على شخصية الطفل، كما سنتطرق إلى الأسباب التي تؤدي إلى فشل التربية الإيجابية وسُبل معالجتها.

أساليب التربية الإيجابية

إن تربية الأبناء تربية صحيحة ليست بالأمر السهل، فالتعامل مع الأبناء يحتاج إلى مهارات وفن، لذلك فإن اتباع أساليب التربية الإيجابية لا يمكن أن يطبق بصورة عشوائية، بل يكون وفقًا لقواعد محددة حتى تعطي النتائج المرجوة، وسنستعرض فيما يلي الأساليب الفعالة للتربية الإيجابية:^{[١][٢][٣][٤]}

1. ابدأ مبكرًا

تبدأ التربية الإيجابية للطفل بعمر مبكر، ومن الممكن أن تبدأ بذلك عندما يكون طفلك حديث الولادة، إذ إن الاهتمام بحركات طفلك والتفاعل معها يؤدي إلى تغيير إيجابي في سلوكه لاحقًا.

2. احترم طفلك

يرى الأطفال أنفسهم من خلال والديهم، إذ يتأثر الطفل بنبرة صوتك ولغة جسدك وتعبيراتك، إلى جانب كلماتك وتصرفاتك، كل هذه الأمور تساعد الطفل على تنمية شخصيته وذاته أكثر من أي شيء آخر.

3. تجنب الحديث بصوت مرتفع

عندما يتحدث الآباء بصوت مرتفع أو يصرخون، فإنهم يخلقون نوعًا من الكراهية لدى الطفل، ومن الممكن أن يتحول هذا إلى اضطراب لاحقًا، إذ يميل الطفل الذي يتعرض إلى هذا النوع من التعامل إلى العناد.

4. امدح طفلك

إن مدح أي شيء يفعله الطفل حتى لو كان صغيرًا سيمنحه شعورًا بالثقة، على سبيل المثال يمكنك أن تقول له: "لقد رتبت سريرك دون أن يُطلب منك ذلك، هذا رائع"، وإلى جانب المدح يجب الانتباه إلى أن إهمال الطفل ومقارنته بالأطفال الآخرين بشكل سلبي، سيُولد لديه شعورًا بأنه غير مهم.

5. لا تقلل من شأنه

إن الكلمات الجارحة تسبب ضررًا للطفل، تمامًا كما تفعل الضربات الجسدية، على سبيل المثال لا يمكن أن تقول لطفلك: "يا له من تصرف غبي!" أو "أنت تتصرف كطفل صغير"، إذ يجب عليك أن تختار كلماتك بعناية، لما لها من تأثير كبير قد يمتد طوال الحياة.

6. ضع ضوابط لكل شيء

إن الانضباط شيء مهم لمساعدة الطفل على ضبط النفس والتصرف بشكل جيد وتعلم الالتزام، وتشمل هذه الضوابط على سبيل المثال عدم مشاهدة التلفاز إلى حين الانتهاء من الواجب المدرسي، كما يجب تحذير الطفل من أن خرق هذه الأمور تترتب عليه عواقب معينة،ويجب الالتزام بتنفيذ العواقب في حال خرق القواعد؛ وذلك ليدرك الطفل أهميتها.

7. خصص وقتًا لطفلك

من الصعب في بعض الأحيان الاجتماع مع الطفل لتناول وجبة سويًّا أو قضاء وقت ممتع، ولكن هذا الشيء مهم جدًّا للطفل، لذلك من الممكن أن تستيقظ من نومك قبل الموعد المحدد بعشر دقائق في الصباح لتتمكن من تناول طعام الإفطار معه، أو الخروج للتنزه قليلًا بعد العشاء، إذ إن الطفل الذي لا يحظى باهتمام والديه يتصرف بطريقة سيئة غالبًا، إذ إنه يسعى بهذه الطريقة إلى لفت انتباه والديه، لذلك يجب على الوالدين تخصيص يوم من كل أسبوع لأطفالهم، مع منح الطفل الخيار لتحديد كيفية قضاء الوقت في هذا اليوم.

8. كن نموذجًا مثاليًّا

كن قدوة جيدة لأطفالك، إذ إن الطفل يتعلم الكثير من خلال مشاهدة تصرفات والديه، وكلما كان الطفل أصغر بالسن، كانت درجة التأثر بتصرفات الآباء والأمهات أكبر، واعلم أن أطفالك يراقبونك باستمرار، لذا تصرف بود وصدق ولطف واحترام دائمًا.

9. ساعده على إيجاد الحلول

 إن محاولة الطفل إيجاد حل لمشكلاته يجعله يعتمد على نفسه، ولمساعدته يمكنك الاستماع إليه وتشجيعه ودعمه عندما يحاول إيجاد حل لمشكلة ما.

10. ساعده على التعلم من الأخطاء

اشرح لأطفالك أن إدراكهم لأخطائهم يعد فرصة جوهرية للتعلم، فبحسب الأبحاث تبين أن التعلم يتطور عندما يرتكب الطفل خطأً ما، إذ إن كل خطأ يمثل خبرة جديدة لديه.

11. ادعم طفلك

عندما يتعرض طفلك لانتكاسة معينة، كن أنت الداعم الدائم له؛ وذلك بدعم قراراته وخياراته وخططه واستراتيجياته، بما يتوافق مع المشكلة والمعطيات.

12. اختر السلوك الذي يتناسب مع سنه

نعتقد في بعض الأحيان أن الطفل يتصرف بطريقة غير مناسب، ولكن في الواقع إن هذا السلوك مناسب وطبيعي مقارنة بسنه، على سبيل المثال إن نوبات الغضب عند الأطفال الصغار طبيعية جدًّا؛ إذ إن هؤلاء الأطفال لديهم مشاعر كبيرة لكن لا يمكنهم التعبير عنها بالكلمات، وعليه فإنهم يعبرون عن مشاعرهم بالغضب.

13. كن واضحًا وصريحًا

اشرح لطفلك عواقب انتهاك التعليمات بوضوح قبل فرضها عليه، ولا تطلق تهديدات فارغة إلا إذا كنت على استعداد لتنفيذها عند حدوث ذلك، في بعض الأحيان يتعمد الطفل خرق التعليمات ليرى ما إذا كنت ستعاقبه أم أنها مجرد تهديدات لا صحة لها.

14. ضع بدائل للسلوك السلبي

من الممكن الاقتراح على الطفل أن يجرب لعبة جديدة بدلًا من مشاهدة التلفاز، وبذلك نكون قد أعطيناه فرصة لتغيير سلوك غير جيد.

15. رسخ العادات الإيجابية من خلال الاختيار

تطبق هذه النقطة من خلال وضع الطفل أمام خيارين إيجابيين من السلوكيات مثل: "هل تفضل الاستحمام قبل تنظيف أسنانك أم بعده؟"، إذ يسهل ذلك من الاعتياد على السلوك الجيد، كما أنه يشعر الطفل بالحرية؛ لأنه هو من يقرر أي شيء سيطبقه أولًا.

16. أشعره بأهميته

يجب أن تشعر طفلك دائمًا بأهميته، مثلًا أخبره أنك بحاجة إلى مساعدته في المطبخ لإتمام تحضير العشاء، إذ إن العمل بهذه الطريقة المشتركة يجعل الطفل يشعر بأهميته، وبأنه ينتمي فعلًا إلى هذا المكان.

17. علم طفلك إدارة الوقت

من المهم تعليم الطفل مبكرًا على إدارة الوقت، فهذه الخطوة جيدة لإنجاز الواجبات التي يكلف بها ضمن إطار زمني محدد، على سبيل المثال يمكن أن تقول له: "هل تحتاج إلى 10 دقائق أم 15 دقيقة لارتداء ملابسك؟"، فهذا يزيد من قدرة الطفل على تقدير الوقت اللازم لإنجاز المهمات المختلفة.

فوائد التربية الإيجابية

تنعكس التربية الإيجابية على سلوك الطفل وعلاقته مع الآخرين، سواء أكانت ضمن نطاق العائلة أم خارجها، وسنستعرض فيما يلي الفوائد التي يجنيها الطفل من اتباع أساليب التربية الإيجابية:^[٥][٦][٧]

1. علاقة قوية بين الوالدين والطفل

لا يحتاج الآباء الذين يتبعون استراتيجيات التربية الإيجابية إلى معاقبة أطفالهم لتصحيح سلوكهم السلبي، وهذا الأسلوب يعزز الثقة والعلاقة بينهما.

2. الثقة بالنفس

يتمتع الأطفال الذين يحظون بتربية إيجابية بثقة أكبر بأنفسهم، كما أنهم يكونون أكثر مرونة، ولا تؤثر عليهم المشكلات تأثيرًا كبيرًا، إلى جانب تمتعهم بصحة عقلية أفضل.

3. أداء دراسي أفضل

إن التربية الإيجابية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالأداء الدراسي، فالأطفال الذين يحصلون على تربية إيجابية يكون التحصيل الدراسي لديهم مرتفع.

4. علاقات اجتماعية قوبة ومهارات اتصال عالية

يمتلك الأطفال الذين تلقوا تربية إيجابية مهارات أفضل لحل المشكلات الاجتماعية، كما أنهم يستطيعون التكيف بشكل أفضل مع الأشخاص في محيطهم.

5. احترام الوالدين

تنعكس التربية الإيجابية على الآباء في نهاية المطاف، إذ يعامل الأبناء آباءهم باحترام مضاعف، وقد وجد الباحثون أن الآباء الذين اتبعوا أساليب التربية الإيجابية لديهم أطفال منضبطين بنسبة مضاعفة.

6. سلوك جيد

أظهرت الكثير من الدراسات أن اتباع الأساليب الإيجابية في التربية تؤدي إلى نتائج إيجابية فيما يتعلق بسلوك الطفل ونموه العاطفي، فيما تفاقم التربية القاسية في مرحلة الطفولة المبكرة المشكلات التي ستظهر لاحقًا على سلوك الطفل.

7. معدلات اكتئاب منخفضة

أثبتت الدراسات أن الأطفال الذي تلقوا تربية إيجابية لديهم نسب أقل من الاكتئاب، مقارنة بالأطفال الذين تربوا باتباع طرق قاسية، كما أن الآباء الذين عانوا في طفولتهم مع أساليب قاسية بالتربية، كانوا أكثر عرضة لنقل المشكلات التي تولدت لديهم إلى أطفالهم، ما يعني أن التربية الإيجابية تؤثر على الأجيال تأثيرًا متسلسلًا.

أسباب فشل التربية الإيجابية

يعاني بعض الآباء والأمهات من عدم القدرة على الوصول إلى نتائج مُرضية رغم محاولتهم اتباع أساليب التربية الإيجابية، ويكمن السبب في عدم مقدرة الآباء والأمهات على خلق التوازن في بعض الأحيان بسبب عوامل مثل الأزمات المالية، والظروف غير المتوقعة، ومن أحد أهم الأسباب التي تؤدي إلى ذلك هو الاختلاف بين أساليب الأمهات والآباء في التربية والتي تشكل فجوة لدى الطفل، فعندما يختلف الآباء حول الأساليب المتبعة لتربية الطفل، قد يكون من الصعب رؤية التغييرات الإيجابية على سلوكه، إذ إن الطفل يكون مشتتًا بين تلك الأساليب المتضاربة أحيانًا، ومن المهم في هذه الحالة إيجاد أرضية مشتركة بما يصب في مصلحة الطفل، ومن أسباب فشل التربية الإيجابية في بعض الأحيان اختيار بعض الآباء والأمهات أساليب تربية تتعارض مع شخصية الطفل، ومن أجل الوصول إلى طرق ناجعة يجب استخدام أساليب ملائمة تتناسب مع شخصية الطفل.^[٨]