تبدأ شخصية الطفل بالتشكل منذ سنوات حياته الأولى، وتتأثر شخصيته بكل تصرفات الأهل وكلامهم، إذ يميل الكثير من الآباء والأمهات إلى تطبيق أفعال يعتقدون بأنها تصب في مصلحة طفلهم، أو تدر عليه بالنفع، ولكنهم لا يعلمون أن الكثير من الأفعال التي يطبقونها من شأنها أن تدمر شخصية طفلهم، وتفقده ثقته بنفسه واحترامه لذاته، وتعوده على الاتكالية والأنانية، فما هي الأفعال التي تدمر شخصية الطفل؟ هذا ما سنجيب عنه في هذا المقال.
ما هي الأساليب التي تدمر شخصية طفلك؟
توجد الكثير من التصرفات والأساليب الخاطئة التي يتبعها الأهل دون قصد، والتي تدمر شخصية ابنهم على المدى البعيد، ومنها ما يلي:
1. المقارنة
يعتقد الوالدان أن أسلوب المقارنة يُدخل الطفل بتحدٍّ ليصبح أفضل من غيره، وذلك بهدف تحسين سلوك طفلهم، لكن المقارنة في الحقيقة تؤثر سلبًا على شخصية طفلهم، فهذا التصرف غير صحيح إطلاقًا، وعندما تقارن طفلك بأحد أصدقائه أو أشقائه، ستتولد لديه الكراهية والغيرة والعدوانية، فمثلًا عندما تقول لطفلك، أن أحد أصدقائه أذكى منه لأنه يحصل على علامات أعلى منه في المدرسة، أو أن أخيه يستمع إلى الكلام وينفذ التعليمات على عكسه، فإن ذلك سينعكس سلبًا على علاقتك بطفلك، وستجعله حاقدًا عليك، وعلى الشخص الذي أدخلته بالمقارنة معه، لا سيما عندما تكون هذه المقارنات أمام الناس، كما قد تجعله يصبح أسوأ؛ ليثبت كلامك السيئ عنه، فما دمت تقول للناس أنه غير مؤدب، فلماذا سيصبح مؤدبًا؟ على العكس بل إنه سيزداد سوءًا، وفي الحالتين سيظن الناس أنه سيئ بسبب كلامك عنه أمامهم، بالإضافة إلى أن كثرة المقارنات ستجعله يستحقر نفسه وتشعره بالنقص، فالجميع أفضل منه في نظرك، بل ويمكن أن تستمر هذه العقد لديه، إذ سيكبر ويبدأ بتفريغ عُقده على الآخرين، عبر المقارنات الزائفة؛ التي تزيد من قيمته، وتقلل من شأن الآخرين.[١]
2. تعنيف الطفل
إن معاقبة الطفل بأسلوبٍ مؤذٍ له، تعد من أخطر الأساليب التي تدمر شخصية الطفل، ولكن للأسف يلجأ بعض الأهالي إلى العنف كوسيلة لتأديب أبنائهم، دون الاهتمام للآثار السلبية الناتجة عن إيذائه على المستوى الجسدي أو النفسي، فمن المؤكد أن أسلوب الترهيب والتعنيف للطفل، أسلوبٌ خاطئٌ سيعود عليه بنتائج سلبية، إذ يمكن أن يجعل شخصية الطفل ضعيفة وسهلة الانقياد، وسيؤدي هذا بالطبع إلى سهولة تأثره بأصدقاء السوء من حوله، بل وسيهدم الارتباط الروحي والأسري ما بين الأهل وطفلهم، إذ ستتولد لدى الطفل مشاعر غير متزنة، وسيمتلك شخصية مهزوزة، وقد يصبح سلوك الطفل عدوانيًّا، فحين يتعرض الطفل للضرب، ستتولد بداخله الرغبة بالانتقام وتفريغ الغضب؛ لذا يجب على الوالدين أن يتعاملا مع الطفل برفقٍ ولين، مع اتباع أسلوب النصح والإرشاد بدلًا من العنف والتحقير.[٢]
3. تلبية جميع رغبات الطفل
يحب الطفل الكثير من الأشياء، إذ ستجذب انتباهه الألعاب والأطعمة والحلويات، سواء أكان بحاجتها أم لا، ولكن تلبية جميع رغبات الطفل، ستؤثر عليه سلبًا، إذ سيصبح الطفل مدللًا بذلك، وسيكون غير قادر على تحمل المسؤولية، وهنا نشير إلى أنه لا بد أن لطفلك الحق في أن يشتري لعبةً أو شيئًا يحبه عندما يفعل شيئًا جيدًا يستحق المكافأة، فمتى يجب علينا أن نقول لا لطلباته؟ عندما يطلب شراء الكثير من الأشياء، وبشكلٍ متكرر، وكذلك الطلبات في فترة العقاب، والطلبات التي تضر بصحته؛ مثل تناول الطعام غير الصحي، أو السهر لفترة طويلة، أو الجلوس أمام التلفاز أو الألعاب الإلكترونية لساعاتٍ متواصلة، فعندما يعتاد الطفل على الحصول على كل شيءٍ يريده دون بذل أي جهد، فإنه لن يشعر بقيمة الأشياء والأموال، وبالتالي لن يتمكن من الحفاظ عليها؛ لأنه ببساطة يستطيع الحصول عليها مرة أخرى، وأيضًا عند اعتياده على الحصول على كل ما يريد لن يتقبل فكرة الرفض، فعندما ترفض طلبه سوف يبدأ باتباع سلوكيات وأفعال خاطئة إلى أن توافق، فقد يصرخ في وجهك، أو يرمي أشياءه أرضًا، أو يتمدد على الأرض في المحل التجاري ويبدأ بالبكاء بصوتٍ عالٍ، أو قد يبدأ بتكسير الأشياء من حوله كي يضغط عليك حتى يحصل على ما يريد، كما قد يكبر طفلك على هذه العادة، وحينها سيرفض العمل أو الدراسة، لأنه قد اعتاد على الدلال، فلماذا يعمل ويتحمل طلبات المدير؟ لذا من المهم أن يعتاد طفلك على سماع كلمة لا في المواقف التي تستدعي ذلك.[٣]
4. عقاب الطفل أمام الآخرين
قد يتعرض الأهل للإحراج من تصرفات أطفالهم أمام الناس، سواء أكانوا في الأماكن العامة، أم في التجمعات العائلية، مما يدفعهم إلى الغضب والانفعال، ومعاقبة طفلهم أمام الآخرين، فيبدؤون بالصراخ في وجه الطفل وقد يشتمونه، أو حتى يضربونه، كي يُشعِروا الآخرين بأنهم مسؤولون ولا يقبلون هذه الأخطاء من ابنهم، دون ملاحظة أن هذا الفعل سيؤثر سلبًا على شخصية طفلهم، وقد يعرضه لمشكلات عديدة، مثل اهتزاز ثقته بنفسه، وفقدانه تقديره لذاته، لأنه سيشعر أن أهله لم يقدروا مشاعره، بل قد أهانوا كرامته أمام الناس، فقد يتولد لديه نتيجةً لهذا السلوك، مشاعر الخوف والقلق عند تعامله مع الآخرين، مُعتقدًا بأنه سيكون معرضًا للسخرية والانتقاد، فقد تعرض لذلك أمامهم مسبقًا، لذا يمكنك أن تتحدث معه بشكل منفرد مباشرةً عند ارتكاب شيء خاطئ، كما يمكنك تحذيره من العقاب عندما تعودون إلى المنزل، بالإضافة إلى أن أسلوبك مع طفلك في هذه المواقف، هو أمرٌ تراكمي، أي إنك يجب أن تبدأ معه منذ البداية، فتحذره من فعل الأشياء الخاطئة، وتضع له القوانين والعقوبات، وتعلمه على التواصل البصري معك؛ ليتمكن من أن يعرف أن تصرفه قد أزعجك، فقط من خلال نظراتك له، أو من نبرة صوتك، فهذا سيجنبكما الإحراج أمام الناس.[٤]
5. إنقاذ الطفل من الفشل
سيتعرض الطفل للعديد من المواقف التي قد يواجه الصعوبة في تخطيها، أو حتى يفشل بتخطيها في حياته، وفي هذه المواقف يصعب على الوالدين رؤية طفلهم يتعرض للفشل، أو يشعر بخيبة الأمل، فيساعدونه مباشرةً، فمثلًا عندما يواجه الطفل صعوبةً في أداء واجباته المدرسية، سيحل بعض الأهالي الواجبات بدلًا عنه، وكذلك إذا سقط الطفل أرضًا وأسرع والداه لمساعدته على النهوض، أو بالغا بالخوف عليه، فكل هذه التصرفات ستنعكس عليه سلبًا، كعدم تقبل طفلهم للإخفاق في اختبار ما، وعدم تقلبه للخسارة في لعبة ما، بل وعدم مقدرته على الاعتماد على نفسه، فهو يعلم أن والديه دائمًا يقفان معه، ويحلان مشكلاته بسرعة، لذا يجب عليك تعليم طفلك أنه لا بأس بالفشل أو الخسارة أحيانًا، المهم المحاولة والسعي دومًا، وليتعلم بأن الإخفاق هو طريق النجاح، لذا يجب منح الطفل الفرصة ليتعلم من فشله، كما يجب تغيير مفهوم النجاح لدى الطفل، كأن تقول له "لا بأس لقد خسرت، ولكنك فعلت كذا وكذا بشكل جيد"، أو أن تقول" لا بأس بإخفاقك في الامتحان، لكن عليك أن تعرف ما هي المشكلة، لتتجنبها في الامتحان القادم".[٥]
6. التوقعات المبالغ فيها
لا بد بأن الأهل يرغبون بأن يكون طفلهم الأفضل دومًا في كل شيء، وأن يحقق إنجازاتٍ كثيرة، وهذا أمرٌ طبيعي، ولكن المبالغة في وضع التوقعات، مثل تحقيق درجات مرتفعة في الاختبارات المدرسية، أو الفوز بمسابقة ما، أو إنجاز شيء يرغب به الأهل، دون الاكتراث لمدى اهتمام الطفل بهذه الأشياء، يضع الطفل تحت ضغطٍ كبير عند محاولته إرضاء أهله، فقد يضطر لدراسة تخصص لا يحبه، ولا يمتلك أدنى رغبة أو شغف لتعلمه، وقد يبدأ بالخوف من الفشل، مما يجعله مكتئبًا ويشعره بالإحباط، فيقلل ثقته بنفسه، وقد يدفعه هذا للاستسلام حتى دون المحاولة؛ ليتجنب المزيد من الإخفاق.[٦]
نصائح تساهم في إنشاء شخصية طفل بشكلٍ سليم
توجد العديد من النصائح التي يمكن اتباعها والاستفادة منها في تنشئة الطفل، ومنها ما يلي:
- تجنب الصراخ أو الضرب، فهذه التصرفات العنيفة ستنعكس سلبًا عليه.[٧]
- استمع جيدًا إلى طفلك، وتعرف على رغباته وأحلامه وتطلعاته.[٨]
- ركز على تصحيح سلوك طفلك، بدلًا من التركيز على معاقبته.[٧]
- كن قدوة حسنة لطفلك.[٧]
- لا تعوده على أنه سيحصل على كل رغباته، إذ يجب أن يتعب ليحصل على ما يريد.[٣]
- لا تضغط على طفلك ليحقق أحلامك.[٩]
- لا تقارنه بأحد.[١]
المراجع
- ^ أ ب "Ten Ways Parents Destroy Their Children's Self-Esteem", wehavekids, Retrieved 27/10/2021. Edited.
- ↑ "Abuse can destroy a child’s self-esteem", wowparenting, Retrieved 29/10/2021. Edited.
- ^ أ ب "Why We Shouldn't Give Our Children Everything They Want", youaremom, Retrieved 29/10/2021. Edited.
- ↑ "Disciplining your child in public", news24. Edited.
- ↑ "A therapist shares the 7 biggest parenting mistakes that destroy kids’ mental strength", cnbc, Retrieved 29/10/2021. Edited.
- ↑ "7 Discipline Mistakes All Parents Make", parents. Edited.
- ^ أ ب ت "Mistakes Parents Make When Reprimanding Their Children", verywellfamily, Retrieved 27/10/2021. Edited.
- ↑ "Top 10 Personality Development Tips For Kids", momjunction. Edited.
- ↑ "6 Ways to Help Your Preschooler's Personality Blossom", webmd. Edited.