إن تربية طفل ذي شخصية قوية يعّد أمراً مهماً وحيوياً لدى الوالدين، حيث إن تكوين شخصية قوية تساعد الأطفال على مواجهة المواقف المختلفة والتحديات خلال مراحل حياتهم، وعليه فيحتاج الأطفال للرعاية والاهتمام الكبير في الأعمار المبكّرة من حياتهم لتزويدهم بمجموعة من المعارف والمهارات والقيم التي تسهم في تقوية شخصيتهم وبنائها، كما وتكمن أهمية بناء الشخصية القوية لكونها سببًا في نشوء الشخصية المستقلّة، القادرة على تحمل المسؤولية، واتخاذ القرارات، والتي تتفاعل بشكل إيجابيّ داخل المجتمع.[١]


كيف نبني شخصية طفل قوية؟

تتطوّر سمات الشخصية لدى الطفل من خلال تفاعل تأثيرات كلّ من: الأسرة والمدرسة والمجتمع مع الطفل وخبراته وخياراته، حيث يكون لدى الآباء والمعلمين ومقدّمي الرعاية العديد من الفرص والأدوات لبناء شخصية الأطفال وتقويتها، إذ إن بناء شخصية طفل قوية لا يقتصر على تقديم الرعاية الأوليّة من إشباع احتياجات الأطفال الفسيولوجية والنفسية والعقلية، بل هناك مزيد من الجهد والمثابرة والمتابعة التي تتطلب من الوالدين أولاً باعتبارهم المسؤولين الأولين قضاء وقت أطول مع أطفالهم وفتح قنوات تواصل فعّالة معهم، هذا بالإضافة إلى مجموعة من النصائح والطرق والتي يمكن من خلالها تنمية شخصية أطفالهم وتقويتها، وهي كما يلي:[٢][١]


أولاً: أن تكون قدوة ونموذجاً يحتذى به

إنّ الآباء الذين يظهرون صفات سلوكية طيبة ينقلون تلك الصفات بقوة إلى أطفالهم؛ لذا عليك انتقاء أفعالك وانفعالاتك بشكل جيد، وفي جميع الأوقات -قدر لإمكان-، حيث إن تقديم مثال جيد لطفلك له فوائد عديدة في تقوية شخصيته وتقويمها، فالأطفال يتعلمون ما يرونه أكثر مما يسمعونه، وسيقلدون ذاك السلوك لاحقاً، وعليه فيتحتم عليك كأب أو أم تريد أن تقوي شخصية طفلك هو أن تظهر القوة والثقة في شخصيتك سواء في المنزل أو خارجه، فطفلك سيتعلم منك وسيقلد أفعالك.


ثانياً: توظيف المواقف التعليمية لبناء شخصية قوية

هناك بعض المواقف الحياتية التي تحصل مع الطفل أو أمامه يمكن للآباء توظيفها لتعليم طفلهم بعض المهارات والقيم والمعارف التي من شأنها أن تقوي شخصيته، وعليه فحين يقوم طفلك بسلوك خاطئ صحح سلوكه بشكل سليم وتجنب انتقاده أو وإلقاء اللوم عليه، بل قم بتعزيزه والثناء على شخصيته، وقل له، "بما أنك طفل ذكي ومهذب يجب ألا تفعل مثل ذلك في المرات المُقبلة".


ثالثاً: دعه يتخذ بعض القرارات

دع طفلك يتخذ بعض القرارات والاختيارات خاصة في الأمور العادية التي لن تلحق الضرر به مثل اختيار لون ملابسه أو اختبار اللعبة التي تعجبه، واترك له الأمر للممارسة والتقييم للتأكد من صحة اختياره، ومن ثم أجرِ نقاشاً وديًا معه ليرى هل كان اختياره موفقاً أم غير ذلك.


رابعاً: المشاركة المجتمعية والتطوعية

تعتبر هذه الخطوة مهمة جداً لتنمية شخصية الطفل وتقويتها، ويكون ذلك من خلال تعليمه أهمية المشاركة المجتمعية وحضور المناسبات المختلفة، ودعمه ليكون فرداً صالحًا فاعلًا داخل مجتمعه من خلال إشراكه في تقديم يد المساعدة لمن يحتاجها، وتعليمه التفكير والتعاطف مع من حوله.


خامساً: تقديم الدعم النفسي والتشجيع

إنّ تعزيز الأطفال بشكل إيجابي يساعد على تدعيم القدرات الجيدة التي يمتلكونها، وتحفّزهم على الاستمرار في أعمالهم الجيدة وسلوكياتهم الإيجابية، لذا يعّد الدعم النفسي والتعاطف والتشجيع من المهارات الضرورية التي تعزز ثقة الطفل بنفسه وتساعده على تقوية شخصيته، حيث إنّ واجب المربيين التركيز على نقاط قوة الطفل والسعي لترسيخها وتقويتها، ومساعدته على التخلّص من بعض السمات السلبية التي قد تؤثر على نمو شخصيته وبنائها.

كما أنّه من الجيد أن يتم الحديث عن نجاحات طفلك في تنفيذ المسؤوليات واتخاذ القرارات أمام الآخرين مما يقّدم لهم مسار جديداً في التعزيز والتشجيع ورفع مستوى الثقة والاستقلالية وتكرار السلوك الإيجابي، ويعّد ذلك أحد أساليب الدعم النفسي.


سادساً: التركيز على جوانب القوة

إنّ الفروق الفردية بين الأطفال هي أمر طبيعيّ، لذا يجب أن يتقبّل الوالدان طفلهما كما هو ويسعوا لتعزيز الجوانب الإيجابية ونقاط القوة في شخصية طفلهم، ومساعدته لتحسين أوجه القصور لديه دون التقليل من ثقته بنفسه، وتجدر الإشارة هنا إلى ضرورة ألا ترفع سقف توقعاتك بطفلك وتتقبل شخصيته كما هي، حيث إن بعض الآباء يعتقدون بأنّ أطفالهم سيتفوقون في كل ما يفعلونه، ولكن حين لا يتوافق سلوك الطفل مع توقعاتهم، فإنهم سيعبرون عن خيبة أملهم تجاهه بعدة طرق من خلال اتهامهم له بعدم الكفاءة الكافية، مما يقلل من فرص بناء شخصية إيجابية عندهم. لذا يفضّل الاهتمام بشكل أكبر بمجالات القوة والمواهب والقدرات لدى الطفل دون إغفال الجوانب السلبية والسعي لتقويمها وتصحيحها دون مبالغة.


سابعاً: بناء شخصية مستقلّة

إن واجب الآباء تشجيع سمة الاستقلالية لدى أطفالهم في جميع أعمالهم، ومن المهم أيضاً تعليم الأطفال كيفية إدارة مسؤولياتهم للأشياء، كترتيب غرفتهم أو ألعابهم أو مساعدتهم على تنظيم وقتهم، كما يمكن توجيههم للمساهمة في المهمات الصغيرة داخل المنزل والقيام ببعض الأنشطة التعاونية، مثل الاعتناء بالنباتات، والمساعدة في ترتيب المنزل وتنظيفه، حيث تشكّل تلك المسؤوليات شخصية الطفل وتقويها، كما أنها تعلّم الأطفال الانضباط والعمل وتحمل المسؤولية.


ثامناً: تجنّب تقييم طفلك ومقارنته بطفل آخر

من المهم أن تفهم طفلك وتقدّر جهوده وتحترمها بدلاً من تصنيفه على أساس المقارنة مع الأطفال الآخرين، حتى لو كنت تقارنه بشخص جيد، إذ إنه مع تقدم العمر سيترك ذلك أثراً سلبياً على شخصيته، كما أنّّ المقارنة المستمرة بين الطفل وشخص ما تجعله يعتقد أنه ليس جيداً بما يكفي، وذلك سيشعره بالارتباك بشأن هويته ويبدأ في تقليد الآخرين، وعليه فاحترام فردية الطفل هو بلا شك الخطوة الأولى في بناء ثقته بنفسه واستخراج الأفضل مما فيه.


تاسعاً: تشجيع الطفل على اللعب الحر

يعدّ اللعب مع الطفل من العوامل المهمة التي تساعد في بناء شخصيته وتقويتها هذا فضلاً عن كونه سيتعلم الكثير من القيم والمهارات مع الوقت، مثل حب المشاركة والاهتمام بالآخر وسينمو في داخله أيضاً الاهتمام بروح الفريق وسيكتسب المرونة.


كلمة أخيرة

يتمتع كل طفل بشخصية فريدة يولد بها، ولكن البيئة المحيطة به والتي ينشأ فيها تلعب أيضاً دوراً رئيسياً في تشكيل الشخصية وتقويتها، لذا يتحّمل الآباء المسؤولية الأولى في تطوير السمات الشخصية الإيجابية والقوية لديه وكذلك تهيئته ليكون فرداً واثقاً من نفسه، لذا واجبك كأب أو أم أن توفر لطفلك بيئة إيجابية سليمة خالية من المشاكل أو الإهمال.[٣]


المراجع

  1. ^ أ ب "How to strengthen the character of our children", www.janabebe.com. Edited.
  2. "10 Tips On Personality Development For Kids", www.parenting.firstcry.com.
  3. "How parents can help boost their child’s personality development?", www.bambinos.live.