خصائص مرحلة المراهقة

تعد مرحلة المراهقة من المراحل النمائية الهامة في حياة الفرد، إذ إنها تعد حجر الزاوية في تشكيل الهوية الشخصية للفرد؛ لذا فإن الأسرة والمؤسسات التربوية تعطي اهتمامًا خاصًّا لتلك المرحلة وخصائصها لدى الفرد، وتسعى لمتابعة تلك الخصائص والسمات التي تبدأ بالظهور لدى الفرد ما بعد مرحلة الطفولة، كما تهتم المؤسسات التربوية كالأسرة والمدرسة بأن تشكّل تلك الخصائص المرتبطة بمرحلة المراهقة منعطفًا مريحًا وآمنًا للمراهق وأسرته، وتوجد مجموعة من الخصائص التي اتفق عليها علماء الطب والنفس وأهل الاختصاص فيما يتعلق بالخصائص التي تحدد مرحلة المراهقة والمراهقين، فهي لا تتوقف عند الخصائص الجسدية بل تظهر تلك السمات والخصائص في الجانب المعرفي والعقلي بالإضافة إلى الخصائص النفسية والاجتماعية والانفعالية.^[١]

مرحلة المراهقة

توجد سمات عامة تظهر لدى المراهقين بشكل عام، وهي تتعلق بالجوانب النفسية والانفعالية والاجتماعية خاصة، وهذه السمات تحتاج متابعة دقيقة من الوالدين، إذ تظهر لدى المراهقين بشكل طاقات كبيرة في المجال النفسي والانفعالي، والذي يحتاج فيها المراهق إلى الدعم والمساندة لبناء هويته الشخصية بشكل إيجابي وآمن، لذا فإن متابعة الأسرة للسمات التي تظهر على المراهقين وإدراكهم لها تمكّنهم من التعامل معها ومع أبنائهم المراهقين بشكل مقبول.^[١]

خصائص مرحلة المراهقة

توجد مجموعة من الخصائص التي تميّز مرحلة المراهقة، وفيما يلي عرض لها:

1. الخصائص الجسدية

تظهر لدى المراهقين مجموعة من التغيرات الجسدية التي ترافق مراحل نموهم ضمن مرحلة المراهقة، والتي قد تبدأ من عمر العاشرة وحتى السادسة عشر تقريبًا، إذ تبدأ الأعضاء الجنسية بالنمو بشكل أكبر، كما ترافق مرحلة المراهقة تغيرات في الصوت الذي يصبح أكثر خشونة لدى الذكور وأكثر نعومة لدى الإناث، ويزيد نمو الجسم بشكل عام من طول وحجم، بالإضافة إلى نمو الشعر في أماكن متعددة من الجسم وحول الأعضاء الجنسية لدى الذكور والإناث، وفي تلك المرحلة تبدأ تغييرات واضحة بالظهور ما بين الذكور والإناث، كما تزيد إفرازات الغدد والعرق والدهون، وتلعب الغدد الصماء دورًا هامًّا في النمو بسبب نشاط الغدد الكبير في مرحلة المراهقة، وينشط عمل الغدة الدرقية بشكل ملحوظ مما يسبب نشاطًا انفعاليًّا كبيرًا لدى المراهقين، وكذلك تنشط الغدة النخامية والغدد الجنسية خلال مرحلة المراهقة،^[٢] كما تنمو العضلات لدى الذكور ويتسع الكتفان بشكل ملحوظ، وتتسع منطقة الوركين لدى الإناث ويبرز الصدر، كما قد يظهر حب الشباب على الوجوه والأجسام، ويبدأ المراهق عمومًا بالاهتمام بشكله وجسمه مما يجعله يشعر بالابتعاد والانعزال عن الآخرين أحيانًا بسبب الهوس بالمظهر الخارجي.^[٣]

2. الخصائص النفسية والاجتماعية

تتشكل خلال مرحلة المراهقة أزمة تحقيق الهوية الشخصية بالنسبة للمراهق، وترافقها بعض الخصائص النفسية والاجتماعية؛ كظهور القلق والملل وغياب الهدف، بالإضافة إلى بداية تشكل الهوية الجنسية وما يرافقها من اضطرابات نفسية وجسدية لدى المراهق؛ كاضطراب في الأكل والنوم والقلق، بالإضافة إلى بعض التغيرات في العلاقة مع الأسرة، إذ يبدأ المراهق بالميل إلى الاستقلالية والرغبة في اتخاذ القرار، لذا تظهر لدى البعض حالة من التمرّد وعدم الاستماع لنصائح الأهل وطلباتهم.

أما التغيرات الجسدية التي ترافق مرحلة المراهقة فإنها تسبب للمراهق الخجل أحيانًا عند تعامله مع الآخرين، ويبدأ عنده الشعور بالذنب في أحيان أخرى، كما يمتد تفكير المراهق ليصبح مرتبطًا بذاته أو ما سماه العلماء بالتمركز حول الذات،^[٤] إذ ينمو لدى المراهقين حب الذات بشكل ملحوظ، أو ما يسمى بالنرجسية بسبب التغيرات في أجسامهم، ويبدأ لديهم الاهتمام بشكل كبير بالملابس والأشكال والمظهر الخارجي، وخلال مرحلة المراهقة يبني المراهقون هويتهم الاجتماعية من خلال علاقاتهم مع الأقران، ويشعر الفرد بحالة من الانجذاب نحو الجنس الآخر، كما يصبح الولاء والاهتمام نحو الأصدقاء أكبر من الأسرة، ويتّجه المراهق نحو الجلوس مع أصدقائه أكثر من الجلوس مع أسرته.^[٥]

وخلال مرحلة المراهقة تظهر لدى المراهقين بعض الأفكار الخيالية غير الواقعية التي يتوقعوها من العالم المحيط، إذ تبدأ لديهم مفاهيم مرتبطة بالأبطال والقدرات الخارقة وأنهم يستطيعون عمل كل شيء، وغالبًا ما يظهر لدى المراهق خيال كبير، ويسعى إلى تحقيق الكثير من رغباته التي لا توجد فرص لتحقيقها بطريقة أخرى.^[٦]

3. الخصائص الانفعالية

تعد الحالة الانفعالية من الأمور الهامة في حياة المراهق، إذ إنها تنضج بشكل واضح ويصبح في حالة من الاضطراب الانفعالي الذي قد يظهر من خلال ارتفاع مستوى الغضب والعدوانية أحيانًا لدى الذكور، وتصبح المشاعر والعواطف أكثر ظهورًا خصوصًا فيما يتعلق بالعلاقة ما بين الذكور والإناث، والعلاقة ما بين الأقران عمومًا، وتظهر لدى المراهقين حالات انفعالية مفاجئة غالبًا ما تكون مرتفعة وتظهر من خلال العنف والعدوان والصراخ والبكاء، إذ يشعر المراهقون بأنّ لا أحد من المحيطين بهم قادر على أن يفهمهم ويدرك ما يحتاجون إليه.^[٦]

4. الخصائص المعرفية والعقلية

يتطور لدى المراهق البناء المعرفي ويصبح قادرًا على التفكير المجرد والاستدلالي والاستقرائي إلى حد جيد، كما تصبح القدرات المعرفية لديه أكثر وضوحًا، وتتعزز مهاراته خصوصًا في مجال التفاعلات والعلاقات مع الآخرين من أقرانه، كما أنّ نمو التفكير المجرد لدى المراهقين يمكنهم من تحديد أهدافهم وإدراك الواقع حولهم بشكل أفضل واتساع خياراتهم بالإضافة إلى نمو الوعي الأخلاقي والاجتماعي بشكل كبير.^[٦]

كما أن مرحلة المراهقة تعد الأساس في تحديد هوية الفرد داخل المجتمع واتجاهاته وأفكاره، لذا يجب على المعلمين والتربويين والأهل متابعة أبنائهم ومساعدتهم خلال مرحلة بناء الهوية وتشكيلها، إذ إن الخصائص المعرفية في تلك المرحلة تتمثل باتّساع إدراك الأفراد وبناء مفاهيم ذاتية حول العالم الذي يعيشون فيه،^[٦] وقد أشار الباحثون إلى أنّ التفكير بالمهنة المستقبلية يظهر خلال مرحلة المراهقة كذلك، إذ يبدأ المراهق بالشعور بأهمية المهنة والعمل بفعل النضج العقلي الذي يتشكّل لديه مع النمو المعرفي.^[٢]

إضاءة

تعد مرحلة المراهقة فترة انتقالية ومرحلة تغير سريع، ولهذه المرحلة مجموعة من الخصائص التي تميزها عن غيرها من مراحل نمو الفرد، كما أنّها تمثّل أزمة في تشكيل هوية الفرد النفسية والاجتماعية، إذ إنّها تأتي مباشرة بعد مرحلة الطفولة، لذا لا يكون الفرد واعيًا بالشكل الكافي لتخطّي تلك المرحلة بأمان دون مساندة من الأهل والبالغين من الأقارب والأصدقاء، والذين يقدمون له الدعم من خلال تزويده بالمعرفة والعلم في كيفية التعامل مع خصائص مرحلة المراهقة بشكل جيد ومرضٍ، حتى لا يظهر لدى المراهق ارتباك حول الأدوار التي سيلعبها في تلك المرحلة، والمساهمة في تعزيز قدرته على بناء ذاته بشكل مقبول اجتماعيًّا، كما أنّ من الأهمية بمكان توفير البيئة المناسبة للمراهق، إذ إنّ الطاقة الانفعالية والنفسية تحتاج إلى بيئة مناسبة لتوظيفها من خلال ممارسة الأنشطة الرياضية والفنية والاجتماعية.^[٧]