يُعد الخوف لدى الأطفال جزءًا طبيعيًّا وصحيًّا في مرحلة النمو؛ إذ إن الخوف من المخاطر أمر مطلوب، ولكن توجد العديد من المخاوف التي تجب معالجتها بشكل صحيح، قبل أن تتطور إلى رهاب أكثر خطورة لاحقًا، وهنا يكمن دور الأسرة في كيفية الكشف عن هذه المخاوف والتعامل معها، وفي هذا المقال سنوضح الطرق المتبعة للتعامل مع الخوف لدى الأطفال، وما هي أبرز المخاوف التي يعاني منها الأطفال، والعوامل المسببة لها وطرق مواجهتها، ومتى من الممكن أن يكون الخوف مؤشرًا خطيرًا.[١]


كيف يمكن أن أتعامل مع خوف الأطفال؟

إن التعامل مع الأبناء في مرحلة الطفولة ليس بالأمر السهل، لا سيما إذا كان الطفل يعاني من مخاوف معينة، ما يحتم على الأمهات والآباء بذل جهد أكبر للحد من هذه المخاوف، وفيما يلي أهم التوجيهات للتعامل مع خوف الأطفال:[٢][٣][٤]


1. تحدث إليه وطمئنه

إذا كان طفلك بعمر يُمكنه فيه فهم ما تقول، تحدث واستمع إليه وساعده على تحويل مشاعره إلى كلمات وأشعره بالأمان، مثلًا قل له: "لا بأس، أنت بأمان، أنا هنا بجانبك"، واجعل طفلك يعرف أنك موجود دائمًا لحمايته.


2. ابتعد عنه لفترات قصيرة

من الجيد أن يعتاد طفلك على غيابك لفترات قصيرة، وعندما تتركه أخبره أنك ستعود وعانقه وابتسم، إذ إن ذلك يجعل طفلك يدرك أنك تعود دائمًا مهما غبت عنه.


3. اجعله يتعود على أشخاص غير مألوفين

ساعد طفلك على التعود على شخص جديد، وحاول تطمينه تجاه هذا الشخص، ومع مرور الوقت سيعتاد على الوجوه الجديدة، ولن تبدو غريبة بالنسبة إليه.


4. صرح له عن مخاوفك

يمكنك التحدث مع طفلك عن المخاوف التي كانت تواجهك في مرحلة الطفولة، خاصة إذا كنت تعاني من مخاوف مماثلة لمخاوفه في تلك المرحلة، وحدثه كيف تجاوزت هذه المخاوف.


5. الجأ إلى إدارة الخوف

ساعد طفلك على التحدث عما يخيفه، فلا يستطيع الطفل دائمًا التعبير عن مخاوفه، لذلك يجب عليك طرح أسئلة محددة عليه للكشف عن بعض الأمور، على سبيل المثال إذا كان طفلك يخاف من الكلاب يمكنك أن تسأله بهذه الطريقة: " لماذا الكلاب مخيفة، هل هناك كلب معين تخاف منه؟".


6. اجعل طفلك يواجه مخاوفه

اجعل ابنك يواجه مخاوفه بالتدريج، على سبيل المثال: إذا كان طفلك يعتقد أنه توجد وحوش تحت سريره، تحققا سويًّا من الأمر، ودعه يرى أن ما يخشاه غير موجود، ومن المهم أيضًا عدم تعريضه لمشاهد فيها عنف أو أي مشاهد تخيفه قد تكون في أفلام الكرتون التي يشاهدها.


7. استخدم أسلوب التدريج

إذا كان طفلك يخاف من العتمة مثلًا، تحدث معه عن الخطوات التي ستطبقانها معًا حتى يتغلب على خوفه بالتدريج ويبدأ النوم بمفرده، على سبيل المثال تكون الخطة كالتالي: قل له سنقرأ في الليلة الأولى قصتين وسنطفئ الأنوار مع ترك إضاءة خفيفة، ثم نجلس سويًّا دون التحدث أو اللعب حتى ننام، أما في الليلة الثانية فسنقرأ قصة واحدة ونطفئ الأنوار ونترك ضوءًا خافتًا فقط، ولن أبقى معك في الغرفة، ولكن سأترك الباب مفتوحًا قليلًا، أما في الليلة الثالثة فسنقرأ قصة واحدة وسأغلق الباب، ولكن سأترك لك إنارة خفيفة في الغرفة، وفي اليوم الرابع سنقرأ قصة واحدة ثم نطفئ الأنوار ونغلق الباب.


8. ادعم طفلك معنويًّا وتحلَّ بالصبر

يجب على الآباء والأمهات إدراك أن التغيير يستغرق وقتًا طويلًا، وأن مشاعر الخوف لا يمكن السيطرة عليها فورًا، ولا تنسَ تقديم الدعم المعنوي له، وجرب أن تمدحه عندما يحاول التغلب على مخاوفه، كأن تقول له: "أنت شجاع لأنك استطعت البقاء لمدة نصف ساعة في الغرفة وحدك".


ما هي أكثر المخاوف التي يعاني منها الأطفال، وكيف نواجهها؟

يعاني الأطفال من مجموعة مخاوف ناجمة عن عدة عوامل، منها ما هو مكتسب ومنها غير ذلك، وهذا يدعو الآباء والأمهات إلى الانتباه لهذه المخاوف ومحاولة إيجاد طرق ناجعة للحد منها لدى الطفل، وفيما يلي عرض لهذه المخاوف وطرق معالجتها:[٥][٦]


1. الخوف من الظلام

غالبًا ما يخاف الطفل من الظلام عندما يصر الوالدان على إبقائه في غرفة مظلمة تمامًا وقت النوم، أو عندما يستيقظ الطفل في منتصف الليل ويجد نفسه في غرفة مظلمة، إذ يشعر بعض الأطفال بالرعب الشديد من الظلام لدرجة أن دقات قلبهم تزداد بالفعل، وهذا يتطلب اتباع طرق تحد من هذا الخوف؛ كاستخدام ضوء خافت، أو البقاء مع الطفل قليلًا بعد إغلاق الضوء فهذا سيشعره بالأمان، ومن الجيد في هذه الحالة أيضًا ترك باب الغرفة مفتوحًا، وإخباره أنك ستكون بجانبه عندما يريد، ومن الممكن أن تقرأ له قصة قبل النوم لتحد من مخاوفه، إذ إن تطبيق مثل هذه الأمور تدرب الطفل على إدارة مخاوفه بنفسه.


2. الخوف من الحيوانات

معظم الأطفال يشعرون بخوف من الحيوانات، وتخف حدة هذا الخوف تدريجيًّا مع التقدم بالعمر، ويمكن اتباع عدة أساليب للحد من هذا الخوف، وأهم ما يمكن تطبيقه هو تعليم الطفل السلوك المناسب للتعامل مع حيوان معين، على سبيل المثال يمكن تعليمه الاقتراب دائمًا من الكلب من الأمام حيث يمكن للكلب رؤية يده وشمها، ومن الجيد جلب حيوان أليف للعيش في المنزل، ويفضل إحضار حيوان صغير السن؛ ليكبر مع الطفل في المنزل، ويمكن أن تترك طفلك يساعد الحيوان بتناول الطعام ويساعد في رعايته، ولكن لا تسمح للطفل بمضايقة الحيوان أو ضربه، إذ يمكن أن يتسبب ذلك بمهاجمة الحيوان له، مما يُولد لديه خوفًا يصعب التغلب عليه لاحقًا، ومن الضروري الانتباه إلى عدم إجبار الطفل على اللعب مع الحيوان إلا برغبته.


3. الخوف من المدرسة

إن الخوف من المدرسة واحد من أكثر المخاوف شيوعًا لدى الأطفال، وقبل العمل على إيجاد حلول لهذه المخاوف، تقع على عاتق الوالدين مسؤولية معرفة سبب هذا الخوف، هل الخوف هو من المدرسة أم من مغادرة المنزل؟ إذا كان السبب المدرسة يجب البحث عن الأسباب، هل يخاف من ركوب الحافلة، أم أنه يخاف من المضايقات، ويجب التأكد من كل هذه الاحتمالات لإيجاد حل للخوف، ويمكن الاستعانة بالمعلمين لحل المشكلة، ومن الجيد أن يكون للطفل صديق يشاركه ركوب الحافلة أو يلعب معه في المدرسة، أما في حال كان الخوف نابعًا من مغادرة المنزل يجب التأكد من عدم إصابة الطفل بخوف فقدان الوالدين، وفي هذه الحالة تجب طمأنته أنك ستكون في المنزل عند عودته.


4. الخوف من طبيب الأسنان

الخوف من طبيب الأسنان من أكثر المخاوف شيوعًا لدى الأطفال والكبار على حد سواء، ولكن في مرحلة الطفولة يتطلب الأمر إجراءات معينة للحد من هذا الخوف، وذلك من خلال اختيار طبيب أسنان متخصص بطب الأطفال؛ يستطيع التعامل مع مخاوفهم، كما يجب التردد على طبيب الأسنان بعمر مبكر حتى يعتاد الطفل على هذا الأمر.


5. الخوف من الموت

من الطبيعي جدًّا أن تتبادر إلى ذهن الطفل أسئلة تتعلق بالموت، ولكن من الممكن أن يتحول هذا الفضول إلى خوف، خاصة إذا بدأ الطفل يشعر بالخوف من فقدان شخص أو حيوان يحبه، ومن الجيد أن تطمئن طفلك وتتحدث معه بهذا الأمر، ويجب أن تكون صريحًا معه عندما يموت شخص قريب من العائلة.


متى يستدعي خوف الطفل التدخل؟

يظهر الطفل في بعض الأحيان خوفًا مبالغًا به يترافق مع أعراض كثيرة تستدعي القلق، وإذا كانت مخاوف الطفل تعيق الحياة الطبيعية وممارسة الأنشطة اليومية يكون ذلك علامة على اضطراب القلق الذي ترافقه نوبات من الهلع أو السلوك التخريبي أو الانطواء، ومن الممكن أن يكون هذا الخوف مصحوبًا بأعراض جسدية مثل ألم المعدة أو الصداع أو ضيق التنفس، كما أن تحدث الطفل عن مخاوفه بشكل مبالغ فيه أمر يستدعي القلق، وإذا ظهرت هذه الأعراض يجب اللجوء إلى طبيب مختص لمعالجة الأمر بأسرع وقت ممكن.[٧][٨]


العوامل التي تسبب الخوف لدى الأطفال

توجد عدة عوامل تؤدي إلى شعور الطفل بالخوف، والذي من الممكن أن يتحول إلى رهاب في بعض الأحيان، وفيما يلي عرض لتلك العوامل:[٩]


1. عوامل بيولوجية

يحتوي الدماغ على مواد كيميائية خاصة تسمى الناقلات العصبية التي تعمل على إرسال رسائل للدماغ للتحكم بالطريقة التي يشعر بها الشخص، ومن أهم الناقلات العصبية السيروتونين والدوبامين اللذان يسببان الشعور بالخوف عند وجود خلل فيهما.


2. عوامل وراثية

من الممكن أن يكون الخوف صفة متوارثة تمامًا مثل وراثة لون الشعر والعيون من أحد الوالدين، على سبيل المثال: من الممكن أن يخاف الطفل من العناكب؛ لأن والديه يظهران خوفهما من العناكب أيضًا.


3. عوامل بيئية

إن تعرض الطفل لتجربة مؤلمة ضمن نطاق العائلة، مثل الطلاق أو المرض أو الوفاة، قد يؤدي لاحقًا إلى إصابة الطفل بالخوف.


المراجع

  1. "Helping Your Child Deal with Fears & Phobias ", CHILD DEVELOPMENT INSTITUTE, Retrieved 2021.
  2. Rae Jacobson , "How to Help Children Manage Fears", child Mind Institute, Retrieved 2021.
  3. "Normal Childhood Fears", Kids Health, 2018, Retrieved 2021.
  4. "Helping Your Child Deal with Fears & Phobias ", CHILD DEVELOPMENT INSTITUTE, Retrieved 2021.
  5. Rae Jacobson , "How to Help Children Manage Fears", Child Mind Institute, Retrieved 2021.
  6. "Helping Your Child Deal with Fears & Phobias ", GHILD DEVELOPMENT INSTITUTE, Retrieved 2021.
  7. Rae Jacobson , "How to Help Children Manage Fears", Child Mind, Retrieved 2021.
  8. "Normal Childhood Fears", Kids Health, 2018, Retrieved 2021.
  9. "Phobias Symptoms & Causes", Boston Childreen's Hospital, Retrieved 2021.