الكثير من الآباء والأمهات حولنا يصفون أبناءهم بالعناد، ويتعاملون مع الأمر على أنه مشكلة كبيرة أو سبب كل المشكلات، ودائمًا ما يلقون اللوم في ذلك على الأبناء، لكن الأمر في الحقيقة قد لا يكون كذلك؛ إذ إن العناد صفة طبيعية في الأطفال، بل يجب أن يتصف الأطفال كلهم بدرجة من العناد، لأن هذا مؤشر على تشكل شخصياتهم وتكوّن الوعي لديهم، ومن الضروري أن نشير إلى أن طريقة تعامل الآباء مع الأبناء ونمط الحياة المتبع قد يكون هو السبب وراء صفة العناد الشديد لدى الأبناء، ولإيضاح الأمر سنعرض في هذا المقال أهم ما يتعلق بالتعامل مع الطفل العنيد.


1. التأكد من اتصاف الطفل بالعناد الشديد

قلما نجد أبًا أو أمًّا ينفون أن ابنهم عنيد جدًّا بدرجة غير طبيعية، وهذا يمثل تعميمًا لإطلاق صفة العناد غير الطبيعي على الأطفال، وبالتالي يجعلنا نشك في حقيقة أن كل الأطفال عنيدون عنادًا غير طبيعي، وقبل البدء بتعلم استراتيجيات التعامل مع الطفل العنيد جدًّا، لا بد من أن نتأكد من أنه كذلك، فإذا كان كل ما يتصف به هو حبه لاختيار ما يريد بنفسه أو تفضيل اتخاذ القرارات المتعلقة به، فقد لا يكون هذا العناد مرضيًّا، أما إذا كانت أغلب سلوكاته مرتبطة بنوبات من الغضب والرفض والصراخ فيمكننا البدء بالخطوة التالية.[١]


2. خلق روتين يومي للطفل

إن أفضل ما يساعدنا في السيطرة على سلوك أطفالنا هو الالتزام بروتين يومي ووضع قواعد تعين الطفل على الالتزام بها، إذ إن ذلك يجعل الطفل أكثر توقعًا لما سيحدث، وهذا يزيد شعوره بالأمان، وبالتالي يقلل من حاجته للاعتراض أو الرفض أو الصراخ، فعلى الرغم من أن بعض الآباء يظنون أن الروتين يشعر الطفل بالملل، إلا أنه بالعكس من ذلك تمامًا، بل إن أهم خطوة يجب تطبيقها للوصول إلى تربية سليمة للأطفال هي خلق روتين ووضع قواعد لهم، فالطفل الذي يتوقع أن وقت الواجبات هو بعد تناول الطعام غالبًا ما يظهر تعاونًا أكبر في البدء بحلها، بعكس الطفل الذي لا يحظى بروتين منظم.[٢]


3. تقديم الخيارات للطفل ضمن ما هو آمن ومتاح

إن من أهم ما يتسبب بظهور الطفل بمظهر العنيد أن يفرض الآباء عليه كل شيء، بدءًا من الطعام الذي يتناوله وليس انتهاء بالملابس أو وقت النوم، وهذا يثير غضب الأطفال خصوصًا في المرحلة العمرية التي يميلون فيها إلى الاستقلالية، ولعلاج هذه المشكلة يمكننا التوصل إلى حل مرضٍ للطرفين؛ إذ يحظى الأبناء بفرصة الاختيار دون أن يخشى الآباء من أن يكون الخيار غير مناسب، ويكون ذلك بتخيير الأبناء بين أمرين أو ثلاثة كلها متاحة وآمنة، مع تعويد الأبناء على ذلك من سن صغيرة، إذ يمكن عرض أكثر من قطعة ملابس يمكن أن تكون مناسبة للارتداء في هذا اليوم ليختاروا من بينها، ليشعر الطفل عندها بأنه صاحب قرار، وفي الوقت نفسه لا يشعر الآباء بأن سلطتهم غير حقيقية أو بوجود خطر من هذا الخيار، كما يمكن تطبيق هذه الاستراتيجية كحيلة، فبدلًا من القول: هذا وقت النوم، يمكن القول: هل تفضلون قراءة القصة هذه أم هذه قبل النوم، إذ إن عرض الخيارات يجعل الأطفال يدركون أن وقت النوم قد حان لكن بطريقة لعبة شيقة.[٣]


4. تجنب صيغة الأمر أو المنع 

لا بد من رفض بعض سلوكيات الأطفال واقتراحاتهم بقول كلمة "لا"، لكن تكرار هذه الكلمة دائمًا يجعلها تفقد قيمتها، كما أنه يثير غضب الأطفال، فلا داعي مثلا لقول لا عندما يقرر الطفل الركض في مكان أو وقت غير مناسب، بل يمكن أن نقول له، ما رأيك بأن تمشي إلى جانبي، أو أريدك أن تمشي بجانبي، أو أي عبارة قد يستجيب لها الطفل دون أن تحتوي على كلمة "لا".[٤]


5. عدم الاستجابة لنوبات الغضب أو البكاء التي تكون لطلب أمر ممنوع

يعرف الأطفال الممنوع والمسموح بالتجربة والخطأ، وعليه فإنهم يختبرون آباءهم في بعض المواقف التي دائمًا ما تكون محرجة وعصيبة على الآباء، كأن يلقي الطفل نفسه في ممر المتجر ويبدأ بالصراخ لأنه يريد شراء لعبة لا يمكن شراؤها، فعلى الرغم من صعوبة هذا الموقف إلا أن الاستجابة لموجة الغضب هذه بتحقيق مطلب الطفل يعد تصريحًا للطفل باللجوء إليها كلما أراد شيئًا ممنوعًا، وبدلًا من ذلك يمكن إبعاد الطفل وأخذه إلى مكان لا يزعج فيه أحدًا وتركه حتى يهدأ.[٥]


6. تشتيت انتباه الطفل عند توقع دخوله في نوبة من العناد

الآباء هم أكثر من يعرف ما يثير موجات العناد عند أطفالهم، ويجب عليهم التصرف قبل أن يبدأ الطفل بتلك الموجة، فمثلًا إذا كان الطفل يفضل الجلوس في الكرسي الأمامي من السيارة يمكن إشغاله قبل دخول السيارة بالحديث عن نوع الموسيقى التي يفضل سماعها عندما يركب، أو يمكن إخباره بأننا لن نشغل الموسيقى المفضلة إلا عندما يأخذ مكانه المناسب، مع الإصرار على الأمر وإن أخذ وقتًا طويلًا خصوصًا إذا كانت أول تجربة من هذا النوع.[٤]


7. بناء علاقة قوية مع الطفل

يمكننا أن نطلق وصف علاقة قوية على كل العلاقات المبنية على التواصل المتبادل بين الأطراف، وفي حالة العلاقة مع الأبناء لا بد من الاستماع إلى آرائهم ومشكلاتهم، وأن نطلب منهم التحدث عنها مع إبداء اهتمام كبير بالأمر، فقد تكون هذه العلاقة القوية كفيلة بالاطلاع على السبب وراء العناد المفاجئ أو السلوك الغريب للطفل، وهذا بالتأكيد يسهل التوصل إلى الحل.[٣]


8. الحفاظ على الهدوء

أشرنا في موضع سابق من هذا المقال إلى أن الأطفال يختبرون صبر الآباء وتحملهم ببعض السلوكيات العنيدة، لذلك يجب على الآباء التحلي بالكثير من الهدوء خصوصًا في أثناء موجة العناد والغضب؛ إذ إن مواجهة الغضب بالغضب سيزيد الأمر سوءًا، كما أنه سيجعل الطفل يشعر بأن هذه الطريقة في التعبير صحيحة لأن الآباء يطبقونها.[٣]


9. مشاركة الطفل باهتماماته

إن ترك الطفل يشاهد التلفاز وحده أو يلعب وحده والنظر إليه من بعيد تجعله يشعر بوجود فجوة بينه وبين أبويه، لذلك ينصح بمشاركته مشاهدة التلفاز واللعب في حال كان ذلك ممكنًا؛ إذ إن هذا يشعر الطفل بأهميته خصوصًا في حال الاستفسار من الطفل عن آلية اللعب أو قصة مسلسل الكرتون، كما أن تطبيق هذه الاستراتيجية يزيد من شعور الطفل بالقرب من والديه، وبالتالي يرفع احتمالية وجود علاقة صحية وتربية سليمة.[١]


10. التركيز على جعل الاحترام أساس العلاقة

غالبًا ما يزداد عناد الأطفال عند شعورهم بالتهديد في خصوصياتهم واستقلاليتهم أو التقليل من احترامهم، لذلك فإن الحل السحري والوقاية الناجعة تكمن بجعل الاحترام أساس العلاقة مع الأبناء، وقد يفهم البعض من ذلك تعويد الأبناء على احترام الآباء فقط، لكن الأمر في الحقيقة يشمل احترام الآباء للأبناء مهما كانت أعمارهم، والتعامل معهم وكأنهم كبار، ومن مظاهر الاحترام الاهتمام بطريقة الطلب من الأطفال عندما نرغب بأن يساعدونا في شيء، إذ يمكن قول: "إذا سمحت" أو "هل يمكنك"، وغيرها من طرق الطلب التي تشعر الطفل بالاحترام، كما يجب منح الطفل درجة من الخصوصية عند الحاجة في حال كان ذلك آمنًا، ومن أهم أشكال الاحترام أيضًا منع الآخرين من السخرية منه أو التقليل من احترامه وإن كانوا الأجداد والجدات أو أي أحد من الأقارب أو الأصدقاء.[٥]


المراجع

  1. ^ أ ب "Effective Ways to Deal with Stubborn Child"، parenting firstcry. Edited.
  2. "5 Tips for Parenting a Stubborn Child", parents. Edited.
  3. ^ أ ب ت "8 Ingenious Things to Do If You Have a Stubborn Child", houston family magazine. Edited.
  4. ^ أ ب "How to Cope with a Stubborn Toddler", Riley Children's Health. Edited.
  5. ^ أ ب "How To Deal With A Stubborn Child?"، mom junction. Edited.