تربية الطفل العدواني

يعد النشاط والحركة سمة طبيعية لدى الأطفال، ولكن إذا تحوّل ذلك النشاط إلى سلوك سلبي غير مقبول فإنّه يصبح خاصية وسمة مرفوضة من الأسرة والمجتمع، ومن تلك السلوكيات السلبية السلوك العدواني الذي يخلق تحديًا داخل الأسرة ويؤثر على الأسرة ومحيطها بشكل عام، فالطفل الذي يمتلك سلوكًا عدوانيًّا يشكل خطرًا على نفسه وأسرته والبيئة من حوله مستقبلًا، لذا تسعى الأسرة للحد من ذلك السلوك السلبي مبكرًا خلال الطفولة كي لا يكون خطرًا كبيرًا لاحقًا، إذ تؤكد البحوث على أنّ الطفل يمتلك داخله قوى وطاقات هائلة، وإن لم يستطع تفريغها بالشكل الإيجابي المُرضي؛ فقد تتحول لتصبح سلوكًا قويًّا واندفاعيًّا غير مرغوب، لذا فمن المهم مساعدة الطفل على إدارة انفعالاته وطاقاته بشكل صحيح؛ فالسلوك العدواني غالبًا ما يكون لأسباب تتعلق بالتنشئة الاجتماعية.^[١]

الطفل العدواني

إنّ الطفل العدواني هو طفل ذو ميول إلى السلوك التخريبي، ولا يمتلك القدرة على السيطرة على انفعالاته، فالعدوان لا يحدث لأنهم مبرمجون للرد على العالم بالعداء، إذ إن البشر جميعهم لديهم القدرة على التصرف بقوة، ولكن ذلك يعتمد على كيفية إدراكنا للعالم، إذ تتشكل الميول العدوانية لدى الأطفال من خلال الظروف البيئية المرتبطة ارتباطًا مباشرًا بالتنشئة الأسرية، بالإضافة إلى الضغوط والتهديدات والفرص والعواقب التي يتعرض لها الأطفال، ولكن من خلال تعديل هذه الظروف والتحكّم بها، يمكن تحسين السلوك وتغيير مسار الأنماط السلوكية السلبية لدى الطفل.^[٢]

يحتاج الوالدان إلى مجموعة من المؤشرات ليدركوا أنّ طفلهم قد يصبح طفلًا عدوانيًّا، ومن تلك المؤشرات التي لا بد على الوالدين التنبّه لها بشكل جيد؛ التغيرات والتحديات في المجال الأكاديمي والتعليمي للطفل، إلى جانب غياب قدرة الطفل على التعبير عن مشاعره لفظيًّا، خصوصًا بعد عمر السابعة، إذ يفترض أن يكون الطفل في تلك المرحلة مزوّدًا بقدرات لفظية جيدة للتعبير عما يشعر به، بالإضافة إلى ارتفاع مستوى المشكلات وارتفاع المشاجرات والصراخ داخل المنزل، وإنّ ظهور تلك الدلائل يعد كافيًا لأن يدرك الأهل وجود طفل عدواني داخل المنزل.^[٣]

وقد أشار علماء النفس والتربية إلى وجود بعض الأمور التي تثير الأطفال وتدفعهم نحو السلوك العدواني؛ فالأطفال قد يثارون لأنهم يشعرون بالإحباط بسبب مشكلة وتحدٍّ كبير قد يواجهونه، وهم لم يتعلموا بعد كيفية التحكم في دوافعهم أو حل النزاعات بطرق مقبولة اجتماعيًّا، بالإضافة إلى مواجهتهم بعض الأمور مثل أحداث الحياة المجهدة، أو مشكلات في التعبير عن الشعور، أو بسبب نقص الانتباه وفرط النشاط والاندفاعية، وإنّ الإحباط الذي يشعر بها هؤلاء الأطفال قد يدفعهم إلى لعدوانية، لذلك فإنهم غالبًا ما يعتادون على السلوك العدواني لأنهم يجدون صعوبة في التعامل مع قلقهم أو إحباطهم، ولا يمكنهم التعبير عن مشاعرهم كما يفعل الآخرون، كما قد تكون العدوانية أحد أشكال الاندفاعية.^[٤]

أشكال السلوك العدواني عند الأطفال

إن السلوك العدواني لدى الأطفال متعدد الأشكال، ومن أشكال ومظاهر السلوك العدواني لدى الأطفال ما يلي:^[٢]

• نوبات الغضب، والضرب أو الركل أو العض.
• الغضب الشديد المرتبط بالتخريب والتدمير والتكسير.
• التهجّم اللفظي والصراخ الشديد، ومحاولة السيطرة على الآخرين من خلال التهديد أو العنف.

ما الذي يمكن للوالدين فعله لمساعدة أطفالهم؟

إنّ الطفل العدواني طاقة وقوة تحتاج إلى التوجيه والمتابعة من الوالدين، لذلك يمكن للوالدين الاستعانة بمجموعة من النصائح والتوصيات عند التعامل مع طفلهم العدواني، ومن تلك النصائح والتوصيات، ما يلي:^[٥][٣]

• كن هادئًا: إذ إنّ انفعالات الوالدين الشديدة خلال تعاملهم مع سلوك طفلهم العدواني يمكن أن يزيد من عدوانية الطفل.
• اطلب من طفلك بهدوء أن يشرح سبب غضبه الشديد: إذ يمكن أن يساعد الحديث عن المشكلة في التغلب على الغضب والهدوء.
• لا تستسلم لتصرفات طفلك: فإذا كان طفلك يمر بنوبة غضب لأنه يريد تحقيق مطلب معين، فلا تستسلم له لأنّ ذلك قد يعزز السلوك غير اللائق.
• ساعد طفلك على إيجاد طرق جديدة للتعامل مع غضبه: يمكنك أن تشجعه على استخدام الكلمات للتعبير عن مشاعره بدلًا من استخدام جسده.
• لا تلجأ إلى العقاب البدني أبدًا: فبعض الآباء يضربون أطفالهم كنوع من أنواع العقاب، لكن هذه الطريقة يمكن أن تعزز من عدوانية الطفل تجاه الآخرين.
• اغرس ضبط النفس في طفلك: يحتاج الطفل إلى توجيه الوالدين لتطوير القدرة على إبقاء مشاعره تحت السيطرة والتفكير في أفعاله قبل التصرف على أساس الاندفاع.
• استخدم المحفزات والمكافآت عند السلوك الإيجابي: تذكر أن تمدح طفلك وتعزز سلوكه عند تصرفه بطريقة لائقة، إذ يجعله ذلك يعرف أنك مهتم بطريقة تعامله مع غضبه، ويدله على السلوك المقبول.
• كن قدوة ونموذجًا إيجابيًّا: كن نموذجًا إيجابيًّا لمهارات التأقلم الإيجابية للتعامل مع المواقف الصعبة، إذ إن الطفل يكتسب مهارات التعامل مع تلك المواقف التي تثير انفعالاته من خلال البيئة الأسرية، وتعد النمذجة إحدى طرق اكتساب تلك المهارات.
• امنح طفلك الشعور بالراحة والتعاطف: دع طفلك يعرف أنك تهتم بصدق بموقفه ومشاعره، إذ يمكن أن يشعر الأطفال بالراحة من خلال وجودك الجسدي واحتضانك لهم، فلا تقلل من قوة العناق والاحتضان في جعل طفلك يشعر بأنه محبوب ومقبول.
• ضع حدودًا حازمة ومتناسقة: إذ يحتاج الأطفال إلى معرفة السلوك المسموح به وغير المسموح به، لذا تأكّد من أنّ طفلك على دراية بالقواعد التي تضعها، ويجب توبيخ ومعاقبة الطفل الذي يركل أو يضرب أو يعض على الفور حتى يفهم بالضبط الخطأ الذي ارتكبه.
• ابحث عن طرق جيدة للتعبير عن الغضب بعيدًا عن السلوك العدواني: إذ يمكن للأطفال التخلص من بعض الضغوطات عن طريق فعل الأشياء التي يستمتع بها الطفل كالرسم، والقراءة، والرياضة والأنشطة البدنية عمومًا، إلى جانب بعض الأنشطة الترفيهية الخارجية، إذ يمكن أن يساعد كل ذلك في إعادة تركيز أفكار الطفل العدواني بعيدًا عن الغضب والسلوك العدواني.

إضاءة

إذا كان طفلك يعاني من ضعف في ضبط النفس والسيطرة عليها، فإن النصائح والتوصيات بالإضافة إلى الاستراتيجيات التي يتبعها الوالدان قد تكون مفيدة، ولكنها قد لا تعطي الوالدين القدرة المطلقة على الحد الكامل من تلك السلوكيات السلبية وإنهائها، لذا تذكر أنّ الطفل العدواني إنسان طبيعي يحتاج إلى مساعدة ودعم نفسي من المتخصصين التربويين والنفسيين في حال لم تكن الخطط العلاجية التي يطبقها الوالدان كافية أو ذات فاعلية، فإذا كان لدى طفلك ميل نحو هذا النوع من السلوك العدواني فإن الأمر متروك لك لمساعدته على تطوير التحكم والانضباط الذاتي والقدرة على التعبير عن مشاعره بطرق مناسبة، وتكون مراجعة المتخصصين النفسيين ضرورة إن شعر الأهل بعدم قدرتهم على إيقاف تلك السلوكيات العدوانية.^[١]