يولد الطفل ولديه استعدادات فطرية للتعلّم والاكتساب من البيئة المحيطة به، حيث يبدأ الوالدان بتقديم المثيرات أمام الطفل لتعزيز بناء مهاراته الخاصة، ومساعدته على التعلّم، إنّ بناء شخصية الطفل يبدأ في مرحلة عمرية مبكّرة جدًا، وقد تظهر بعض الحركات أو التصرفات التي لا يمكن اعتبارها سمات شخصية كالزحف والابتسام والهديل أو محاولة نطق الكلمات أو التقاط الأشياء ومحاولة الوقوف وغيرها من التصرفات التي تبدو عشوائية، ولكنها تدخل في إطار زمني محدد ضمن المراحل النمائية للطفل، وقد استخدمها الباحثون لتقييم الطفل ضمن المراحل النمائية الأولى ومستوى إنجازه لمتطلبات تلك المرحلة، أمّا بمجرّد دخول الطفل إلى المؤسسات التعليمية تبدأ السمات الشخصية بالظهور بشكل أفضل أي في عمر الخمس سنوات تقريباً، وتبدأ بالنضوج أكثر في سنوات المراهقة، ودور الوالدين يتوقف على صقل الخصائص الشخصية الإيجابية ودعم استقلالية الطفل وتطوير قدرته على اتخاذ القرار وتحمّل المسؤولية وبناء شخصية قوية لدى الطفل.[١]


مراحل تكوين شخصية الطفل

هناك عدة عوامل تساهم في بناء شخصية الطفل كالسمات البيولوجية للطفل وكذلك تأثيرات البيئة المادية بمثيراتها المختلفة والاجتماعية كالأسرة والأصدقاء، حيث أنّها مجتمعة تبلور شخصية الطفل، حيث يشير الباحثون إلى وجود روابط ما بين السمات التي يظهر عليها الطفل منذ ولادته وبين خصائصه الشخصية التي تبرز لديه بشكل واضح في مراحل عمرية لاحقة، والطفل يمر في مجموعة من المراحل النمائية، وهي:[٢][١][٣]


أولاً: الطفولة المبكرة (من الميلاد إلى ثماني سنوات)

يكون النمو والتطور أكثر وضوحًا خلال السنة الأولى، فخلال العام الأول تتشكل وظائف الحياة والشخصية والعلاقات من خلال الدعم العاطفي الذي يتكون في وقت مبكر من الحياة. وفي عمر الثالثة يتضاعف نمو الطفل ووزنه، كما يتقن مهارات الجلوس، والمشي، واستخدام أدوات الطعام والتنسيق الكافي بين اليد والعين في اللعب. بينما خلال مرحلة (3-5 سنوات) أي ما قبل المدرسة ينمو الطفل بسرعة ويبدأ في تطوير المهارات الحركية، أمّا في عمر الخامسة سينمو الكلام بشكل كبير، ويجب بتكوين جمل تتكون من (5-7 كلمات) كما يبدأ النمو العاطفي والجسدي والعقلي بالنمو بشكل واضح، ويرى كثير من العلماء والباحثين بأنّ عمر الخمس سنوات يعّد بداية تشكّل شخصية الطفل.


ثانياً: الطفولة المتوسطة (ثمانية إلى اثنتي عشرة سنة)

خلال عمر الثماني سنوات يجب أن يكون الطفل قادراً على فهم بعض المفاهيم المجردة الأساسية كالوقت والمال، ويبدأ بصقل المهارات المعرفية والشخصية بالإضافة لبناء الدوافع والعلاقات وتصبح الدائرة الاجتماعية للطفل أكثر اتّساعاًً وتعقيداً، وهوية تلك المرحلة تتسم بالتكامل والتطوّر داخل الفرد والبناء الاجتماعي.


ثالثاً: المراهقة (اثنا عشر إلى ثماني عشرة سنة)

تعّد المراهقة هي مرحلة تغييرات متنوعة وكبيرة وتسبب القلق للطفل وأسرته بسبب النمو الجسدي والعاطفي والمعرفي الكبير والمواقف الجديدة والمسؤوليات والأشخاص. ويرافق تلك المرحلة مجموعة من التقلبات المزاجية المتكررة، خلالها يمر المراهق بفترات نمو متسارعة في النمو الجسدي وكذلك هي فترة مهمة للتطور المعرفي حيث ينتقل التفكير ليصبح التفكير يميل إلى المنطقية والعقلانية حول المشاكل والأفكار، بالإضافة إلى أنّ تلك المرحلة خطوة مهمة نحو الاستقلالية والنمو العاطفي.




إنّ جميع المراحل منذ الولادة إلى الاستقلالية هي مراحل بناء شخصية الطفل ورغم أنّ كثير من الباحثين والعلماء أكّدوا على أنّ عمر الخمس سنوات هو الأكثر أهمية في تكوين شخصية الطفل إلّا أنّ آخرين أشاروا إلى أنّ السمات تبدأ بالنشوء والتطوّر من عمر الولادة حتى سن المراهقة.




بناء شخصية الطفل

تعتبر السنوات الخمس الأولى حاسمة وأساسية في حياة الإنسان وبشكل خاص في التطوّر والنمو الجسدي والفكري والاجتماعي والعاطفي للطفل. حيث تشير الدراسات العلمية إلى أنّ حجم دماغ الطفل في السنة الأولى يتضاعف، وينمو إلى ما يقرب من (90%) بحلول سن الخامسة، كما تتطور القنوات والخلايا العصبية بشكل سريع في السنوات الخمس الأولى من خلال تفاعلات الطفل مع بيئته، وتلك التفاعلات تحدد الطريقة التي يتفاعل بها دماغ الطفل مع معتقداته وقيمه وعواطفه وأفكاره وسلوكه، والتي تقوم عليها شخصيته بشكل عام. لذا فإنّ جودة تجارب الطفل في السنوات الخمسة الأولى من الحياة لها دور وتأثير كبير في تشكيل شخصيته. كما أنّ تلك التجارب لها تأثير دائم على صحة الطفل وسعادته وقدرته على التعلّم والنجاح في الحياة.[٢]


كما أشار بعض الباحثين إلى أنّ هناك خمس سمات أساسية تتبلور لدى الأطفال خلال مراحل نموه حتى مرحلة المراهقة، وما ينتج في مراحل نمائية لاحقة يعّد مزيجاً من تلك السمات، والتي تشكّل في النهاية شخصية الطفل على وجه الخصوص، وتلك السمات أو الخصائص الشخصية الأساسية هي:[٤]


أولاً: الضمير، ويصف هذا الشخص الذي يميل إلى أن يكون في الموعد المحدد أو مبكراً لمواعيده، وهو على درجة عالية من المسؤولية، ويعمل على أهداف طويلة المدى مع إشراف بسيط أو بدون إشراف أحياناً.

ثانياً: التوافق والرضا، ويُطلق عليه أيضاً المؤيد للمجتمع، وهو الشخص المقبول اجتماعياً بشكل عام ولديه تفاعلات اجتماعية إيجابية، ويعمل بهدف مساعدة الآخرين، ويتعاون بشكل جيد في المواقف الجماعية. كما أنّه يميل إلى إظهار المودة والتعاطف بسهولة وفي كثير من الأحيان.

ثالثاً: الانفتاحية، وهو الشخص الذي يتمتّع بدرجة عالية من الانفتاح على التجربة ويكون مبدعاً ومرناً وفضولياً ويتّسم بحسّ المغامرة، يستمتع بإثارة عقله وحواسه: كمشاهدة الفن والاستماع إلى الموسيقى الجديدة وتذوق المأكولات الغريبة وقراءة الأدب والشعر. كما يحبّ الشخص المنفتح التنوّع في حياته اليومية ويتوق إلى التجديد.

رابعاً:العصابية، وهو الشخص الذي يميل إلى تجربة حالات عاطفية سلبية: كالقلق والغضب والشعور بالذنب والاكتئاب بشكل منتظم. والأشخاص الذين يعانون من مستويات عالية من العصابية هم أكثر عرضة ​​للاستجابة بشكل سيئ للتوتر وتفسير المواقف على أنها مهددة أو صعبة بشكل ميؤوس منه.

خامساً: الانبساطية، وهوالمنفتح والشخص الذي يتم تنشيطه من خلال التواجد حول أشخاص آخرين. وهو عكس الشخص الانطوائي الذي يتم تنشيطه من خلال كونه وحيداً.


وقد أشار الباحثون على أنّ تلك السمات الخمس تتبلور بشكل أكثر وضوحاً في الأطفال خلال سنوات المراهقة، وما ينتج عن ذلك من مزيج من السمات يشكل في النهاية شخصية الطفل، ويبدأ التربويون وعلماء النفس والتربية في العثور على الاختلافات والفروق الفردية ما بين الأطفال استناداً على تلك السمات خلال سنوات المراهقة، وبالتالي يمكن التنبؤ بالخصائص العامة للشخصية خلال تلك المرحلة (مرحلة المراهقة) والتي تعتبر مؤشراً لشخصية الفرد عند مرحلة البلوغ والرشد.[٤]



المراجع

  1. ^ أ ب "The Stages of Child Development", www.chcmass.com. Edited.
  2. ^ أ ب "Children's Personality Development: The 5 Stages", www.parentcircle.com. Edited.
  3. "Clues to your personality appeared before you could talk", www.bbc.com. Edited.
  4. ^ أ ب "The Age When a Child's True Personality Emerges", www.verywellfamily.com. Edited.