تُعد تربية الأطفال مهمة غير سهلة، ولكن هذا لا ينفي أهميتها في حياة الطفل والوالدين؛ فهي تعلم الأطفال المهارات والضوابط الأساسية في حياتهم، والتي من أهمها المشاركة، والتعاون، واحترام الآخرين، كما أنّ التربية مهمة لنمو الأطفال من جميع النواحي الاجتماعية، والنفسية، والبدنية.[١]


السن المناسب للبدء بتربية الأطفال

يمكن تقسيم الفترات العمرية من حياة الطفل التي يتم فيها البدء بتربيته ووضع الضوابط السلوكية له إلى 4 مراحل، وتتميز هذه المراحل بأنها تراعي التغيرات التي تطرأ على الطفل في الأشهر والسنوات الأولى من عمره، وتشمل الآتي:[٢]

  • تربية الأطفال من 4 إلى 7 أشهر: في هذه المرحلة، يقوم الوالدان بالتمييز بين احتياجات الطفل ورغباته، وتربيتهِ بناءً على هذا الأساس، فمثلاً؛ قد يرغب الطفل بالنوم على كتف والدته، ولكنه في هذه المرحلة العمرية لا يحتاج لذلك؛ فيجب أن يتم تربيته على تَعّلم كيفية النوم بمفرده.
  • تربية الأطفال من 7 إلى 12 شهرًا: من المهم جدًا في هذه المرحلة أن يقوم الوالدان بتعزيز رغبة طفلهم بالحركة واكتشاف ما حوله، لذا يجب عليهم تهيئة المنزل بجعلهِ أكثر أمانًا ومناسبةً لهذا الهدف، مثل تركيب البوابات، وإبعاد المواد السامة، وغيرها، بدلاً من حرمان الطفل من الحركة والاستكشاف عن طريق استخدام الرفض وتكراره أمامه؛ الأمر الذي يجعله يعتقد أنّ استكشاف الأشياء أمرٌ محظور وسيء، مما يؤثر سلبًا على نموه وشخصيته.
  • تربية الأطفال من 12 إلى 18 شهرًا: يميل الأطفال في هذه المرحلة إلى الصراخ والضحك بصوتٍ عالٍ، وقد يكون من الصعب منعهم من ذلك في كل مكانٍ يذهبون إليه بسبب افتقارهم في هذه المرحلة العمرية إلى ضبط النفس، ويكمن دور الأهل هنا بتربية طفلهم من خلال إخباره بعباراتٍ بسيطة أنّ الضحك أو الصراخ يجب أن يكون بحدود عند الذهاب إلى المكان الفلاني، ويمكن اللجوء إلى الألعاب والكتب من أجل تشتيت انتباهه عن إصدار الأصوات العالية، كما أنه من المهم أن يستمر الوالدان بشرح قواعد السلوك للطفل إلى أن يبلغ سن الثانية والنصف إلى الثالثة من عمره؛ حيث سيكون حينها قادرًا على فهمها بشكلٍ أفضل وتطبيقها.
  • تربية الأطفال من 18 إلى 24 شهرًا: يكون الأطفال في هذه المرحلة غير قادرين على التعبير عن مشاعرهم، مما يجعلهم يمرون بنوبات غضب ويصابون بالإحباط، ومن المهم جدًا معالجة هذا من خلال مساعدتهم في معالجة الأمور التي تزعجهم، مع إظهار التفهم للطفل بخصوص ما يمرون به وعدم لومهم أو توبيخهم.


أساليب سليمة لتربية الأطفال

لا بد لهما من اتباع الأساليب الصحيحة في تربية الطفل والتي تضمن نموًا صحيًا له ولشخصيته، ومن أبرز هذه الأساليب التي يُنصح باتباعها:[٣]

  • تعزيز احترام الذات لدى الطفل: يرى الأطفال أنفسهم من نفس المنظور الذي يراهم من خلاله أهلهم؛ فالطفل بطبيعته يتأثر بشكلٍ مباشر بما يصدر من الوالدين من نبرة صوتٍ، ولغة جسد، وحتى التعبيرات، وتؤثر كلمات وأفعال الوالدين على الطفل وقدراته أكثر من أي شيء آخر، وتعتبر الثقة بالنفس من الأمور الواجب تعليمها للطفل، ويكون ذلك من خلال مدح إنجازاته مهما كانت صغيرة، والسماح له بإنجاز الأمور التي يستطيع إنجازها بمفرده؛ كي يشعر بالقوة والاستقلالية، إلى جانب ضرورة تجنب مقارنته بالأطفال الآخرين، والتقليل من شأنه بأي شكلٍ من الأشكال؛ لأجل ألا يشعر أنه لا قيمة له.
  • الثناء: يظن كثير من الأهل خطئًا أنّ الانتقاد أسلوبٌ ناجح في تربية الأطفال؛ إلا أنه في الواقع ليس كذلك، ويجب استبداله بالثناء والتوجيهات الإيجابية التي تُشعر الطفل بقيمة نفسه وأفعاله، ومن أكثر الطرق فعالية في ثناء الطفل مدحه عندما يفعل شيئًا صحيحًا، مثل توجيه الثناء له عندما يرتب سريره دون أن يطلب ذلك منه، ويساعد هذا الأسلوب في تشجيع السلوك الجيد للطفل واستمراريته على المدى الطويل.
  • ضبط الحدود والقواعد: إنّ وضع القواعد للطفل أمرٌ مهم في التربية؛ لدورها في تعليمه الانضباط، وضبط النفس، والسلوكيات الصحيحة، كما أنّ هذا يساعد في تنشئة الأطفال على تحمل المسؤولية، ويجب أن تشمل القواعد المُلزمة للطفل توضيحًا لتوقعات الوالدين بطفلهم، إلى جانب متابعة التزام الطفل بهذه القواعد، وليس تنفيذها ليومٍ واحد وتجاهلها لبقية الأيام.
  • تخصيص الوقت للطفل: يلجأ كثيرٌ من الأطفال إلى إساءة التصرف والسلوك عمدًا في حال لم يحظوا بالاهتمام والرعاية من أهلهم؛ ظنًا منهم أنّ تصرفهم بهذه الطريقة يجذب لهم الانتباه، ويجب تجنب هذا الخطأ الشائع في تربية الأطفال من خلال منح الأطفال وقتًا كافيًا وإشعارهم بالاهتمام ولو بأبسط الأمور، مثل كتابة ملاحظة لطيفة للطفل ووضعها في صندوق الغداء الخاص به، أو الاستيقاظ مبكرًا لتناول وجبة الإفطار معه.
  • القدوة الحسنة: يتعلم الأطفال الصغار كيفية التصرف من خلال مشاهدة ما يقوم به والديهم، ولا بدّ أن يعي الأهل جيدًا أنّ أطفالهم يراقبونهم باستمرار ويقلدونهم في كل ما يفعلونه، وإذا أراد الوالدين تربية طفلهم بطريقة سليمة وصحية؛ يجب أن يظهروا أمامهم كل ما هو إيجابي وبعيد عن الأنانية؛ كالاحترام، والود، والصدق، واللطف، والتسامح.
  • الحب غير المشروط: تقع مسؤولية تصحيح أخطاء الطفل وتوجيهه في المقام الأول على عاتق الوالدين، ولكن الأهم من ذلك الطريقة المُستخدمة في ذلك؛ فهي تحدث فرقًا كبيرًا في كيفية استجابة الطفل معها، لهذا ينبغي عند مواجهة الطفل بأخطائه عدم انتقاده أو إلقاء اللوم عليه، لأن هذا قد يؤدي لاستيائه وتقليل احترامهِ لذاته، ويجب بدلاً من ذلك توجيهه للتصرفات الصحيحة بأسلوب مشجع، مع شرح الخطأ الذي قام به، وجعله يدرك أنّ هذا الأمر لمصلحته، وأنه قادر على تحسين سلوكه في المرة القادمة.


أساليب خاطئة لتربية الأطفال

في المقابل من الأساليب السليمة لتربية الأطفال، توجد أخطاءٌ شائعة قد يتبعها الأهالي في تعاملهم مع أطفالهم وتنشئتهم، وتنعكس عليهم بشكلٍ سلبي، وتشمل هذه الأساليب الخاطئة ما يلي:[٤]

  • تجاهل الطفل: يريد الأطفال أن تُسمع أصواتهم، وأن يكونوا قادرين على التعبير عن مشاعرهم وعواطفهم، وتجاهلهم من الأخطاء التي تؤثر على تربيتهم وسلوكهم؛ لهذا يجب تخصيص الوقت الكافي للاستماع إلى ما يدور بأنفسهم، حتى وإن لم تكن أمورًا جدية، لأن مجرد منحهم الفرصة للتنفيس عن مشاعرهم يجعلهم يشعرون بتحسن كبير.
  • حرمان الطفل من الاستكشاف: يلجأ كثيرٌ من الأهالي إلى حرمان أطفالهم من استكشاف الحياة والأشياء الجديدة ظنًا منهم أنهم يوفرون لهم الحماية بهذا الشكل، ولكن ما لا يدركه مثل هؤلاء الأهالي أنهم يحرمون أطفالهم من تجربة الأشياء الجديدة، والتعلم من أخطائهم، وتطوير شخصياتهم.
  • عدم التعاطف مع الطفل: يمر الأطفال أحيانًا بوقتٍ عصيب لا يعرفون كيفية التعامل معه، ويجعلهم يشعرون بالانزعاج، أو الإحباط، أو الغضب، ويخطئ بعض الأهل في هذه الحالات بعدم إظهار التعاطف للطفل؛ رغم أنّ التعاطف في هذه الحالة أكثر أهمية من التفاعل مع الموقف.
  • مقارنة الطفل بالآخرين: إنّ مقارنة الطفل بأقرانه تؤثر سلبًا على أدائه، وروحه المعنوية، وثقته بنفسه، وقد تترك هذه المقارنة أثرًا سلبيًا إلى الأبد في شخصية الطفل.
  • التوقعات غير الواقعية: يحاول كثيرٌ من الأهالي تربية طفلهم ليكون مثاليًا، رغم أنّ ذلك من أكثر الأخطاء التربوية شيوعًا؛ خاصةً أنه يتضمن ممارساتٍ صارمة غير محمودة العواقب، مثل وضع القيود والقواعد الصارمة، وتحديد التصرف والسلوك بطريقة معينة، وإبقاء الطفل تحت المراقبة المستمرة، ومن الجدير ذكره أنّ هذا الأمر يسبب فجوة كبيرة بين الوالدين والطفل، ويؤثر على علاقتهم سلبًا.
  • إخبار الطفل أنه على حق دائمًا: إنّ القيام بهذا يجعل الطفل يعتقد أنه لا يخطئ، مما يؤدي به إلى الإفراط بالثقة، الأمر الذي يشجعه على ارتكاب المزيد من الأخطاء في المستقبل.
  • الخلافات الزوجية أمام الأطفال: يؤثر إظهار الخلافات الزوجية أمام الأطفال على صحتهم العقلية، ويؤدي بهم إلى التصرف بعدوانية.


المراجع

  1. "The importance of Parent and Child interaction", elcbrevard, Retrieved 26/6/2022. Edited.
  2. "When Does Discipline Begin?", parents, Retrieved 26/6/2022. Edited.
  3. "Nine Steps to More Effective Parenting", kidshealth, Retrieved 26/6/2022. Edited.
  4. "Top 10 parenting mistakes you should avoid", orchidsinternationalschool, Retrieved 26/6/2022. Edited.