يمر الطفل بمجموعة من التغيرات الفسيولوجية والنفسية التي قد تدفعه إلى أن يكون أكثر استثارة وانفعالًا، وبالتالي تكون ردود أفعاله أحيانًا أكثر ميلًا نحو الغضب والعصبية، وتلك الحالة لا تتمنى الأسرة وجودها داخل المنزل بسبب الآثار السلبية التي تخلّفها، والتي تتمثل بمشكلات في العلاقة ما بين الطفل والبيئة المحيطة، وعلاقته مع الآخرين من أفراد الأسرة أو الأقران، مما يهدد بوجود اضطرابات قد ينتج عنها أذى وقلق مستمر لدى الطفل ومقدمي الرعاية بشكل عام، ومن الضروري إدراك أن عصبية الطفل نتيجة وليست سببًا، أي إنّ الطفل هو ابن بيئته، إذ تلعب أساليب التنشئة الاجتماعية دورًا هامًّا في نشوء الطفل العصبي، لذا فإن أي خطط وبرامج تدخل للتعامل مع الطفل العصبي لا بد أن تبدأ من عند الأسرة التي قد تكون أحد أسباب نشوء العصبية لدى الطفل، وبالإمكان الحد من ذلك السلوك باستخدام التقنيات السلوكية العلمية التي يمكنها تهذيب ذلك السلوك وتعديله في نهاية الأمر قبل تطوّره.[١]




الأسرة والطفل العصبي

تعد الأسرة مصدرًا هامًّا للتعلّم بالنسبة للطفل، فمن خلال تلك البيئة الأسرية تنشأ الكثير من أنماطه السلوكية التي يتكفل الوالدان بمهمة مراقبتها وتقييمها، وبالتالي فإنهم يدعمون السلوك الإيجابي ويعززونه، ويحدون من السلوك السلبي كالعصبية وما ينتج عنها من أنماط سلوكية سلبية أخرى كالعناد والعدوانية، لذا فإن التدخّل المبكّر من جانب الأسرة يمنع كثيرًا من الأنماط السلوكية السلبية، وعليه تعد الأسرة الحصن الأول والأقوى في التعامل مع استراتيجيات وخطط وبرامج التعامل مع طفلهم العصبي بشكل عام، ومن الجدير بالذكر في هذا السياق أن أطفالنا شديدو الحساسية للعالم المحيط بهم، ويتأثرون تأثرًا كبيرًا بالمثيرات المحيطة بهم، وهم يمتلكون داخلهم طاقات كبيرة يمكن استثمارها وتوظيفها بشكل إيجابي، وإلا فإنها تميل نحو بعض السلوكيات السلبية، لذا فتلك الطاقة يجب أن تدار من الأسرة مباشرة، إذ إن آثارها سوف تظهر على الطفل والأسرة بشكل سريع.[١]


أساليب التعامل مع الطفل العصبي

اتفق التربويون والمتخصصون في مجال تعديل السلوك والتربية وعلم النفس على مجموعة من الأساليب للتعامل مع الطفل العصبي، ومنها:[١][٢][٣]

  1. كن قريبًا من طفلك، إذ سيساعد وجودك بالقرب منه على تهدئته، ويجب عليك أن تكثر من معانقة طفلك واحتضانه لتزويده بالاحتياجات الانفعالية والدفء العاطفي، كما يمكن للإمساك بيد الطفل أن يساعد في منحه إحساسًا مرتفعًا بالأمان والراحة والاستقرار.
  2. تجنّب كثرة الأوامر والنواهي، إذ إن إخبار طفلك بما يجب فعله أو لا يجب فعله لن يمكنه من حل المشكلات بمفرده أو تعلم طرق للتعامل مع نفسه، وهذا لا يعني أنه لن يحتاج إلى المساعدة، ولكن يجب أن تدعه يحاول حل المشكلة أولًا قبل تقديم يد المساعدة.
  3. عود طفلك على ممارسة بعض الأنشطة الرياضية، إذ يمكن أن يكون النشاط البدني وسيلة للتقليل من العصبية في أوقات التوتر الشديد، كما يمكن للجري أو اللعب بالدراجات أو ممارسة لعبة تتضمن حركات جسيمة أن يساعد في تشتيت انتباههم والحد من قلقهم أو خوفهم.
  4. ساعد طفلك على التكيّف مع البيئة المحيطة، وذلك من خلال التواصل معه بشكل فعّال والإصغاء إليه، ومعرفة التحديات التي يمر بها.
  5. أعطِ طفلك مساحة أكبر للتعبير عما يشعر به، وذلك بمنحه وقتًا أطول للاستماع إليه دون الحكم على قلقه أو التقليل منه.
  6. اختر الوقت المناسب للحديث مع طفلك، ومناقشته في أسباب قلقه وغضبه، وإن أفضل وقت للتحدث معه هو عندما يشعر الطفل بالهدوء، ففي تلك المرحلة يكون الحديث والنقاش أكثر فاعلية.
  7. لا تفرط في التعاطف مع طفلك، ولكن تعامل معه بشكل يشعره بأنك تتفهم غضبه، إذ يمكن أن تتفق مع طفلك حول الطريقة الفضلى للحصول على ما يريد دون الإفراط في الانفعال والعصبية بشكل عام، كأن تقول له: (أنا مدرك أنك ترغب بالذهاب إلى مدينة الألعاب، لكن من الممكن أن يكون ذلك غدًا بسبب وجود أمطار في الخارج، إذ من الممكن أن تتعرض للإصابة بالمرض).
  8. شجّع طفلك على ممارسة نشاطات خاصة عند الشعور بالقلق والغضب، إذ يمكن أن يكون ذلك باستخدام أساليب إيجابية ومفيدة كالرسم والكتابة والرياضة والموسيقى.
  9. كن صبورًا مع طفلك، فلا تتوقع التغيير السريع والمباشر لسلوك طفلك العصبي، إذ إن فقدانك لصبرك وانفعالك الشديد من الممكن أن يزيد من مستوى السلوك العصبي لدى طفلك، لأنّ طفلك يمكن أن يشعر بما تشعر به، وقد يؤدي الكشف عن مشاعرك إلى جعل طفلك يشعر وكأنه أزعجك، ويزيد ذلك من توتره وعصبيته، ويجعل التواصل معه أكثر صعوبة، لذلك حاول ألا تفقد صبرك رغم صعوبة التعامل مع الطفل العصبي، إذ يعّد الأمر صعبًا ومحبطًا، ولكن لا تدع هذه المشاعر تظهر خصوصًا على تعابير الوجه أو التصرّفات.
  10. كن قدوة لطفلك، إذ إن تصرفات الوالدين وسلوكهما وانفعالاتهما وردود أفعالهما مع المواقف المختلفة تكون تحت مراقبة الأطفال؛ لذا كن حريصًا أن تكون قدوة إيجابية لطفلك في سلوكك وانفعالك.
  11. كن متفهمًا، فلا تقلل من أهمية الموضوع الذي يثير عصبية طفلك حتى لو بدا لك سخيفًا، فمن المهم أن تُظهر لطفلك أنك تتفهم ما يشعر به وتدركه، فعلى الرغم من أنه قد لا يكون لديه مبرر لما يخشاه، إلا أنّ المشاعر التي يشعر بها حقيقية جدًّا وتستحق الاهتمام منك.
  12. كن مبادرًا، فلا تنتظر حتى يشعر طفلك بالقلق والغضب والعصبية، بمعنى أنه يجب اتخاذ إجراءات وقائية من خلال توفير بيئة آمنة للأطفال، والتي قد تجنّبهم التوتر والعصبية، وكذلك مكافأة السلوك الجيد حتى لو كان بسيطًا، وتشجيع الطفل وتعزيزه، ومدح الإنجازات الصغيرة له.
  13. درّب نفسك وطفلك على مهارة الاسترخاء، إذ تعد هذه المهرة مثالية لمواجهة الغضب، لذلك يجب أن تعلم طفلك وتدربه على تلك المهارة، وذلك بقدر استطاعته وبما يناسب عمره وإدراكه العقلي.
  14. لا تفرط بالتفكير في المشكلة، إذ إن إفراط التفكير بها ينعكس على سلوكك ويشعر الطفل بذلك، لهذا ننصحك بالتعامل معها بهدوء.
  15. اعتنِ بنفسك بشكل جيد، فمن المهم أن يحصل الوالدان على الرعاية الجسدية والنفسية الجيدة، حتى يتمكنا من التعامل مع أطفالهم بشكل فعّال.


إضاءة

إذا كان طفلك يعاني من مشكلات في العصبية والغضب في كثير من الأحيان، وتنشأ عن سلوكه العصبي ضغوط كبيرة داخل الأسرة أو في المدرسة أو مع أقرانه، فإنه من الضروري مراجعة المختصين في مجال الصحة النفسية والاستشارات الأسرية؛ لأنّ التدخلات الأسرية مع الطفل تحتاج إلى متابعة علمية من المتخصصين في الإرشاد والصحة النفسية، وذلك لتقييم واقع الطفل والحياة الأسرية والمشكلات التي قد يواجهها الطفل، كما أن الأسرة تحتاج في تلك المرحلة إلى الدعم والمساعدة للتعامل مع السلوك السلبي لطفلهم، من خلال التوعية وتزويدهم بالمعرفة العلمية وتعليمهم للمهارات التي تساعدهم وتساعد الطفل في السيطرة على انفعالاته وتغيير سلوكه العصبي، ليصبح أكثر قدرة على التحكّم بانفعالاته.[٤].




المراجع

  1. ^ أ ب ت "The Highly Sensitive (and Stubborn) Child", psychologytoday. Edited.
  2. "Tips for Comforting a Fearful or Nervous Child", https://pathways.org. Edited.
  3. "5 Ways to Beat Pre-performance Nerves", https://kidshealth.org. Edited.
  4. "Parenting an Angry Child? 10 Underlying Reasons you Shouldn’t Ignore", https://parentswithconfidence.com. Edited.